Overblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
29 avril 2012 7 29 /04 /avril /2012 12:15

بيان مشترك:

مايو شهر العمال ومطالبهم
17 أبريل 2012

شارك العمال في ثورة 25 يناير، وحسموا إسقاط الرئيس من خلال أكثر من 489 احتجاج عمالي خلال شهر فبراير فقط . وخرج العمال في جميع أنحاء مصر من أجل العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. وبعد مرور أكثر من عام علي الثورة لم تتغير أوضاع العمال بل ازدادت سوء واتهموا بالفئوية.

لقد قدمت الطبقة العاملة التضحيات والشهداء ومنهم الشهيدة مريم عبدالغفار حواس شهيدة إضراب شركة المنصورة اسبانيا. كما تم تقديم عدد من العمال للمحاكمات العسكرية، وتم فصل عدد من القيادات العمالية.

وبدلاً من استرداد حقوقنا الضائعة تم إصدار المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2011 بتجريم حق الإضراب و الاعتصام، وتجميد قانون الحريات النقابية في المجلس العسكري ثم في ثلاجة مجلس الشعب، كما تم الالتفاف علي قانون الحد الأدنى والأعلى للأجور، وتحايلت الحكومة لمنع عودة الشركات التي صدرت أحكام قضائية بعودتها للدولة.

وإذا كان الجميع منشغل الآن بمعركتي الدستور والرئاسة. فإن مطالب الحركة العمالية لازالت بعيدة عن واضعي الدستور ومرشحي الرئاسة. لذلك ندعو كل عمال مصر للتحرك في أول مايو 2012 لفرض مطالبهم في العدالة الاجتماعية واسترداد حقوقهم وحريتهم من خلال:

· إقرار الحد الأدنى والأقصى للأجور بما يكفل حياة كريمة للعامل وأسرته، وتحديد الحد الأقصى 15 ضعف الحد الأدنى ( 1500 جنيه ) وزيادته سنوياً وفقاً للخبرة ومعدلات التضخم.

· زيادة المعاشات بحيث لا تقل عن 80% من الأجور مع زيادتها سنويا بمعدل ارتفاع الأسعار.

· إطلاق قانون الحريات النقابية ودعم النقابات المستقلة. ووقف كل طرق التعسف والاضطهاد ضد النقابات المستقلة.

· مشاركة العمال ونقاباتهم في وضع الدستور الجديد بما يحافظ علي حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية وفرضها كنصوص ثابتة في الدستور.

· تعديل قانون العمل الجائر رقم 12 لسنة 2003 بما هو في صالح العمال ، وتفعيل دور المجلس الأعلى للأجور والأسعار.

· إلغاء قانون التأمينات الاجتماعية رقم 135 لسنة 2010، وتطوير قانون التأمينات الاجتماعية رقم 79 لسنة 1975، والقانون رقم 112 لسنة 1980 بالتأمين علي العمالة غير النظامية. وإعادة 465 مليار أموال التأمينات التي تم الاستيلاء عليها.

· مد مظلة التأمين الصحي لتشمل كل المصريين ودمج كل الهياكل الصحية في هيكل صحي عام يمول من الضرائب العامة والاشتراكات ، مع تطوير الخدمة الصحية وتقديمها بالمجان ومن خلال جهات غير ربحية.

· إلتزام الدولة بإنشاء مشروعات جديدة تستوعب العمالة الجديدة وصرف إعانة بطالة لمن لا يجد فرصة عمل منتج.

· إلغاء القانون رقم 34 لسنة 2011 الخاص بتجريم الإضرابات والاعتصامات المخالف للمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر.ووقف وإلغاء كل المحاكمات العمالية العادية والعسكرية التي صدرت بحق العمال منذ فبراير 2011. والإفراج الفوري عن عمال سوميد وبتروجيت المعتقلين.

· تثبيت العمالة المؤقتة وتقنين أوضاعهم بما يحفظ حقوقهم.

· إعادة العمال الذين تم فصلهم وسداد كافة حقوقهم المتأخرة.

· تعديل قانون الضرائب علي الدخل وزيادة الإعفاء للأعباء العائلية إلي 18 ألف جنيه سنوياً، مع رفع تصاعدية الضريبة لتصل إلي 45%، وإلغاء ضريبة الدمغة علي الأجور والمرتبات.

· إعادة جميع الشركات العامة التي صدرت أحكام قضائية بعودتها كملكية عامة، وضخ استثمارات جديدة للشركات والهيئات العامة لتطويرها والنهوض بها.

· إعادة تشغيل المصانع المعطلة ومشاركة العمال في تشغيلها وإدارتها ، ورفض قانون المصالحة مع رجال الأعمال المتلاعبين بالاقتصاد وحقوق العمال.

· تطهير الوزارات والهيئات والشركات من القيادات الفاسدة وفلول النظام القديم.

· الحفاظ علي كرامة المصريين في الخارج وحقوقهم العمالية وتوفير الرعاية التأمينية المناسبة لهم.

لتتحد كل جهودنا من أجل تحقيق مطالبنا العمالية . ليكن مايو 2012 شهر الحقوق العمالية في الأجور والنقابات المستقلة. لنجتمع في كل محافظات مصر لنحدد كيف نعمل معاً طوال شهر مايو ، ليكون شهر حقوق العمال.

لن ترهبنا قوانين الاستبداد.. وحدتنا من اجل استرداد حقوقنا وحقوق أبنائنا

المجد والخلود للشهداء.. عاش كفاح عمال مصر

نبدأ حركتنا في تمام الساعة الثانية عشر يوم الثلاثاء 1 مايو في جميع المحافظات

يبدأ التحرك في القاهرة من أمام مقر الاتحاد المصري للنقابات المستقلة بشارع القصر العيني أمام معهد التعاون

 

الاتحاد المصري للنقابات المستقلة

الاشتراكيين الثوريين

حركة حقنا

حركة كاذبون

المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

مركز هشام مبارك للقانون

حزب التحالف الشعبي الاشتراكي

الحزب الاشتراكي المصري

الحزب الشيوعي المصري

2012-4-17

Partager cet article
Repost0
26 avril 2012 4 26 /04 /avril /2012 11:08

 

 


الاربعاء 25 نيسان (أبريل) 2012

فواز طرابلسي

إذا كانت سياسة «الممانعة»، في وظيفة من وظائفها، قامت على اكتساب موقع وشرعية وقوة خارجية للنظام السوري جرى توظيفها لأغراض السيطرة الداخلية، وإذا كان الاستقواء على الداخل بالخارج عن طريق الأدوار العربية والإقليمية والدولية شكل نهجا ثابتا للسلطة السورية الحالية على امتداد اكثر من أربعة عقود على وجودها، يجوز التساؤل الآن، والإجماع قائم على اعتبار ان الازمة في «منعطف» جديد: أليس النظام الحالي يكرّر سياسة الخورجة هذه، اي يعيد استخدام نهج الاستقواء بالتعريب المدوّل على معارضة شعبية عارمة، تفرّع عنها جناح عسكري؟ علما ان المهمة الآن ليست فرض السيطرة وإنما إطفاء ثورة وإنقاذ نظام؟

منذ أن كانت الأزمة الدموية السورية لم يتردد الحكم في دمشق مرة في استدعاء الوساطات الخارجية. بدأ بتوسيط تركيا. وانتقل منها الى وساطة قَطَرية موجزة تولت الإمارة الغازية بسرعة تجييرها الى الجامعة العربية. وبعد التعثر المبتسر لمهمة المراقبين العرب، استعجلت السعودية وقطر نقل ملف الازمة الى الامم المتحدة. في الحالات الثلاث المذكورة، شكلّت الوساطات أغطية لنهج ثابر عليه النظام في كسب الوقت وتصوير أزمته على أنها حرب يخوضها ضد مجموعات بدت «تخريبية مسلحة» الى ان انضوت دعايته في خط «الحرب الدولية ضد الارهاب» فصارت الصيغة الرسمية للعدو هي «مجموعات إرهابية مسلحة ». طبعا، لم يقتصر الامر على تصوير الازمة. عولجت الازمة عمليا على اعتبارها حربا عسكرية وأمنية تمارس أنواعا دموية شتى من الترهيب والترويع على المدنيين المتظاهرين في مئات من مواقع الاحتجاج في طول البلاد وعرضها.

فجأة اكتشفت وزيرة الخارجية الاميركية ان «تنظيم القاعدة» قد اخترق المعارضة السورية. ومهما تكن الدلالة بعيدة المدى لذاك الاكتشاف فإنه غطّى، ولو جزئيا، بدء مرحلة جديدة من الحل العسكري سمّيت مرحة «الحسم» كانت ذروتها اقتحام أحياء من مدينة حمص وعمليات كرّ وفرّ في سائر المدن والبلدات والمواقع الخارجة جزئيا أو كليا عن سلطة النظام وقواه العسكرية والامنية على مدار البلد.

لم يحسم «الحسم» الى الآن. لكنه فتح المجال امام مرحلة جديدة من الخورجة تتولاها المؤسسة الدولية حيث أمكن للفيتو الروسي فرض تسوية، أميركية ـ روسية، تلتقي أقلا عند أولوية وقف إطلاق النار من الطرفين والانسحاب (انسحاب المدرعات خصوصا) من المدن، في ظل رقابة ثلاثمائة رقيب دولي خلال مهلة ٩٠ يوما. ومع ان المبادرة تدعو عمليا الى إطلاق سراح «المعتقلين عشوائيا»، الا ان التباس الصيغة وفقدان آليات الرقابة الفعلية عليها تفقدها أية قيمة عملية.

في اليوم الثالث عشر من وقف إطلاق النار والثالث على بدء مهمة المراقبين الدوليين، إذ يستعجل المبعوث الدول كوفي أنان الانتقال الى «العملية السلمية»، سجلت بورصة الدم في سوريا، قبل حلول المغرب من يوم امس، مزيدا من القتلى معظمهم في مدينة حماة. وقف اطلاق نار غير مطبق عمليا والانسحابات شكلية. والجيش النظامي مستمر في استخدام السلاح المدفعي خصوصا على الاحياء المدنية. حتى أن بان كي مون، والرجل الذي يحتاج للا أقل من مئة جثة يومية لينطق، اضطر لإدانة «الهجوم الوحشي المروع» .

باختصار، لا شيء يشبه قرب الانتقال الى «العملية السياسية» المنشودة. على ان المبادرة تستدعي هذه الملاحظات.

÷ أولا، تفصل المبادرة بين الامن والسياسة. وهو النهج الدائم للقوى الغربية في التعاطي مع الثورات العربية جميعها حيث ان فرض الامن سبق البحث في عوامل الازمة وأسباب الاحتجاج، أي أسباب اختلال الامن. التمسك بحكم العسكر في مصر مثالا. عدا المبادرة الاميركية الخليجية في اليمن حيث جرى إهمال كل عوامل الانفجار والقوى المعارضة، باستثناء المعارضة الرسمية، باسم الأمن.

÷ ثانيا، نحن بإزاء تدويل منافق يزعم تسليم الامر للسوريين. «يجب ان يقرر السوريون بأنفسهم مصير سوريا »، تقول الخارجية الروسية. وعلى اللاعبين السياسيين الخارجيين «ان يساعدوا السوريين على بدء الحوار السياسي بهدف إقامة نظام ديمقراطي تعددي». وحقيقة الامر ان ما يفرض على السوريين هو نمط من التدويل يساعد اكثر ما يساعد على المحافظة على النظام القائم والاوضاع القائمة.

÷ ثالثا، يتبيّن ان ما يسمّى «البرنامج الاصلاحي الشامل» الذي صاغه النظام هو برنامج مدوَّل بامتياز. يستلهم الخارج ويتوجه له، إذ يسعى لأن يبدو منسجما مع رطانة ليبرالية رسمية سنّتها إدارة جورج بوش عن التعددية وحقوق الانسان والعمليات الانتخابية.

هكذا لديك عدم اعتقال الصحافيين. ولكن لا حرية صحافة ولا حرية لتأسيس وسائل الاعلام.

ولديك تعددية حزبية. ولكنها خاضعة للإجازة من السلطة التنفيذية.

وحق التظاهر مصان بشرط الاستحصال على إذن مسبق من وزارة الداخلية.

وثمة قانون انتخاب يكرر القانون السابق ويقسّم المرشحين الى ثلاث فئات تسمح بالتحكم السلطوي والحزبي فيها: عمال وفلاحين ومستقلين

وفي قمة كل هذه «الإصلاحات» يتربّع دستور جرى إقراره بواسطة استفتاء تعترف مصادر النظام قلة الاقبال عليه. يريدنا نائب وزير الخارجية ان نصدق انه «يعدّ من الدساتير العصرية في العالم». إذا كانت عصريته تعني أنه من أواخر الدساتير التي صدرت، فهذا أكيد. أما عن كونه ينطوي على أي إصلاح جاد للنظام القائم فأمر آخر. فجلّ ما يعد به الشعب السوري هو العودة الى بيت الطاعة في ظل نظام سياسي قائم على تعددية سياسية واعلامية وحزبية مضبوطة في ظل حاكم فرد مطلق الصلاحيات يجمع السلطات التشريعية والتنفيذية والامنية والعسكرية الى كونه غير قابل للمساءلة أو المحاسبة.

وحتى لو وضعنا جانبا ان النظام لم يعترف بالمعارضات السورية على تعددها مع انه يشكوها للقاصي والداني بأنها لا تريد محاورته، فإن الحوار الفعلي الذي يجريه كناية عن اتصالات مباشرة او عبر وسطاء مع كتل معارِضة دون سواها وخصوصا مع شخصيات معارضة او مستقلة يجري البحث معها بالدرجة الاولى في تشكيلة وزارية تقطع الطريق عمليا على «الحوار» العتيد.

هل أن السلطة مستعدة لوضع «برنامج الاصلاح الشامل» هذا موضع حوار على طاولة «الحوار الوطني»؟ كيف يمكن تصديق ذلك عندما يقرأ المرء ان المصادر الرسمية السورية لا تزال تعتبر ان ثلاثة عشر شهرا دمويا هي نتاج «الهجمة الاعلامية الشرسة التي تتعرض لها سوريا عن طريق بعض القنوات الفضائية التي باعت شرفها المهني، لتشارك في سفك دماء السوريين عن طريق أكاذيبها».

Partager cet article
Repost0
26 avril 2012 4 26 /04 /avril /2012 11:05

photo amami4 الخط الأمامي نشرة يصدرها تيار اليسار الثوري في سوريا

 

 

link

 

Partager cet article
Repost0
23 avril 2012 1 23 /04 /avril /2012 13:21
جوزف ضاهر
ترجمه‫ الى العربية‫:‬
وليد ضو
المصدر‫:‬ cafe thawra

شهدت السعودية عدة تظاهرات مهمة في مناطق مختلفة من البلاد خلال الأسابيع القليلة الماضية. المظاهرات والتحركات الشعبية، التي بدأت منذ سنة هناك، لم تحظ بالتغطية الإعلامية اللازمة سواء من الإعلام الإقليمي والدولي، والقمع لم تدنه الحكومات الغربية.

آلاف من الطالبات في الجامعات السعودية قاطعن الصفوف للاحتجاج ضد الخدمات السيئة وطالبن بإصلاحات داخل جامعة الملك خالد خلال الأسبوع الماضي. وبعد القمع الذي تعرضت له هذه المظاهرات التي تقودها الطالبات في الجامعة، امتدت تظاهرات في عدة مدن سعودية. وغضب الطلاب تمدد ليتجاوز "حدود مدينة أبها ليصل إلى أنحاء واسعة من السعودية حيث نظمت عدة مظاهرات في الرياض، النماص، القطيف والربيعية".

السلطات السعودية واجهت المظاهرات بعنف، فسقط قتيل وعدد من الجرحى، بعد أن قمعت القوى الأمنية المظاهرات المطالبة بإصلاحات سياسية.

أصدرت وزارة الداخلية السعودية بيانا تعهدت فيه بمحاربة "الأعمال الإرهابية" ووصفت المتظاهرين فيه بأنهم "أقلية مغرر بها".
في الواقع، منذ سنة والمظاهرات تعم أجزاء من السعودية خلال رياح التغيير التي تشهدها المنطقة العربية.

بدأت التظاهرات عندما أحرق رجل نفسه في الصامطة- جيزان في 21 كانون الثاني عام 2011، وامتدت التظاهرات خلال هذا الشهر في جدة المنكوبة بالفيضانات، كما تكررت خلال شهري شباط وآذار في مدن القطيف، العوامية، الرياض والهفوف.

في 11 آذار من العام 2011، تظاهر المئات في القطيف، الهفوف والعوامية. في نيسان 2011، نظمت مظاهرات صغيرة للمطالبة بحقوق عمالية أمام المقرات الحكومية في الرياض، الطائف وتبوك. واستمرت التظاهرات خلال شهري آذار ونيسان في القطيف ومدن صغيرة شرقي السعودية كالعوامية، الهفوف، التي يسكنها بغالبيتها المواطنون السعوديون من المذهب الشيعي الذين يتعرضون للتمييز بسبب مذهبهم. طالب المتظاهرون بإطلاق سراح السجناء، انسحاب قوات درع الجزيرة من البحرين، المساواة في الوظائف الحكومية وإصلاحات في النظام السياسي.

واستمرت التظاهرات خلال شهر أيار وتشرين الأول في القطيف فواجهتهم الشرطة السعودية بالرصاص الحي. طالب المتظاهرون في شرقي السعودية بدستور ومجلس نيابي خاص بهم والاعتراف بجمعية التنمية والتغيير. وخلال شهر تشرين الثاني الماضي، قتل عدد من المتظاهرين على يد القوى الأمنية في منطقة القطيف خلال عدد من المظاهرات وجنازات التشييع. كما استمرت المظاهرات في كانون الأول، حيث طالب المئات من المتظاهرين في الرياض وبريدة حيث طالبوا بإطلاق سراح أو محاكمة المعتقلين.

المعارضة في السعودية عابرة للطوائف السنية والشيعية تطالب بإصلاحات ديمقراطية واجتماعية.

وأصدر عدد من المثقفين السعوديين نداء إلى القيادة السياسية في 28 شباط عام 2011، تحت عنوان إعلان الإصلاح الوطني، عبروا فيه عن رغبتهم بإقامة نظام ملكي دستوري يقوم على المواطنة المتساوية. وأضافوا في بيانهم، أن موافقة الشعب هي أساس شرعية السلطة، وهي الضمانة الوحيدة للوحدة، الاستقرار، وكفاءة الإدارة العامة، وحماية البلاد من التدخل الأجنبي.

طالبوا بأن يكون الشعب مصدرا للسلطات، وشريكا كاملا في تقرير السياسات العامة من خلال ممثليهم السياسيين في مجلس الشورى، وأن تهدف هذه الدولة إلى خدمة المجتمع، وضمان مصالحه وتحسين مستوى المعيشة فيه. كما أصروا على مبدأ استقلالية القضاء، وعلى مبدأ عدم التمييز بين المواطنين تحت أي ظرف من الظروف. تمكين المرأة من الوصول إلى حقها في التعليم والتملك والعمل والمشاركة في الحياة العامة دون أي تمييز، ودعوا أيضا إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع عادل للعائدات النفطية على السكان.

مرة أخرى، لم تعرض قناة الجزيرة الفضائية والمحطات الغربية أخبار القمع في السعودية. والبرامج النقدية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي غير موجودة على الجزيرة، كما لا تعر أي اهتمام للمظاهرات الشعبية في هذه الدول. والجزيرة لا تسمح للمعارضة السعودية بالظهور على شاشتها.

السعودية تقود الثورات المضادة
حاولت السعودية وقف امتداد تأثير الثورات في المنطقة العربية، فوزعت المملكة خلال أسابيع معدودة في بداية عام 2011، 214 مليار دولار على مواطنيها، أكثر من ديون البرتغال، حيث يعاني 44 % من المتخرجين الجامعيين من البطالة، خلقت ستين ألف وظيفة جديدة في وزارة الداخلية كرسالة مباشرة لكل من ينوي التظاهر. مع ذلك، شهدت البلاد مظاهرات قليلة وبوتيرة منخفضة، خاصة في المناطق الشيعية، التي تعاني من التمييز بالمقارنة مع غيرها من المناطق.

دول مجلس التعاون الخليجي، بقيادة السعودية، قدمت مساعدات عسكرية، مالية وسياسية للعديد من الأنظمة التي تشهد احتجاجات شعبية.

القوات المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي، بقيادة السعودية، تدخلت عسكريا في البحرين من أجل سحق الحركة الشعبية هناك. تدخل السعودية يجب أن يفهم كرد فعل تجاه تهديد الاحتجاجات الشعبية وإمكانية امتدادها إلى أراضيها.

وعبّرت دول مجلس التعاون الخليجي، بقيادة السعودية عن تضامنها مع السلطات البحرينية خلال الاحتجاجات الشعبية التي قامت ضد نظام آل خليفة. كما قرر هذا المجلس في 10 آذار من العام الماضي إنشاء صندوق، موّلته بـ20 مليار دولار، لتنمية البحرين وسلطنة عمان، والأخيرة شهدت العديد من المظاهرات، وستعطى كل دولة 10 مليار دولار لتحسين الإسكان والبنية التحتية خلال 10 سنوات.

في اليمن، دعمت دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية الانتقال السياسي الذي يحافظ على بنية النظام كما هو، من خلال التضحية بالرئيس علي عبد الله صالح الذي سيتمكن من الإفلات التام من العقاب هو وكل عائلته. وجرى رفض خطة مجلس التعاون الخليجي للانتقال السياسي من قبل قطاعات مهمة من المجتمع اليمني، كالمجموعات الشبابية المستقلة اليمنية، الحوثيين والانفصاليين اليمنيين.

السعودية، إلى جانب قطر، قدمتا الدعم المالي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وحزب النهضة في تونس خلال الأشهر القليلة الماضية. كلا الحزبين لا يعارضا الأمبريالية الغربية، وإسرائيل وعملائهما في المنطقة، في وقت أرادا الحد من النتائج السياسية والاجتماعية والاقتصادية للثورات. رئيس حكومة تونس حمادي جبالي شكر السعودية خلال زيارته الأولى خارج تونس.

النفاق الغربي
مرة أخرى صمتت الحكومات الغربية عندما يتعلق الأمر بأقرب حلفائها وبمصالحها السياسية والاقتصادية فيها على الرغم من انتهاكات حقوق الإنسان، القمع والغياب الكلي للديمقرطية في السعودية. الولايات المتحدة هي المستورد الأول للنفط السعودي، في حين أن المملكة هي الحليف الأقرب إلى واشنطن مع إسرائيل.

مؤخرا أشاد مدير صندوق الدولي بالدور الذي تلعبه السعودية لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد العالمي، كما أعلن نيكولا ساركوزي عام 2008، أن السعودية تعتمد "سياسة متقدمة". كيف يمكن لنظام هو الأكثر رجعية في كل جوانبه أن يعتمد "سياسة متقدمة"؟

خاتمة
الثورات العربية ليست بمنأى عن أحد إنما ستعم كل بلدان المنطقة التي تعاني إلى حد وبدرجات مختلفة من: غياب الديمقراطية، غياب العدالة الاجتماعية، وغياب الاستقلال الحقيقي، السعودية ضمنا. الشعب في السعودية يظهر نفاق المملكة التي تدعم خطابيا الثورة السورية وتحاول تحويرها عن مسارها لتخدم مصالحها الخاصة لا مصالح السوريين، في وقت تقمع شعبها معلنة أن كل نوع من الاحتجاجات هو شكل جديد من الإرهاب.

الثورات ستمتد إلى دول مجلس التعاون الخليجي وخاصة إلى السعودية قلب الثورة المضادة في المنطقة. حيث التضامن مطلوب مع كل الانتفاضات فيها وفي كل الدول لتحرير الناس من النيوليبرالية، الديكتاتورية والأمبريالية.
عاشت الثورة المستمرة

Partager cet article
Repost0
23 avril 2012 1 23 /04 /avril /2012 11:46

 


 

 

 

 

 كوفي أنان والمراقبون الدوليون في سوريا

 


الخميس 19 نيسان (أبريل) 2012

  بقلم: غياث نعيسة

   
 
 

قرار منظمة الأمم المتحدة بمواجهة النظام السوري لن يمنع الأخيرة من استمرار المجزرة بحق الشعب الثائر. محاولات السيطرة السعودية والقطرية تزيد من تعقيد مهمة الثوار. لكن النضال يستمر لوضع حد لنظام الأسد.

خلال 13 شهرا من الثورة السورية، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة ثلاثة بيانات. هذه المرة، أصدر مجلس الأمن في 14 نيسان القرار 2042 بموافقة الحكومتين الروسية والصينية. القرار سيسمح بنشر المراقبين في سوريا. وصل 5 منهم في اليوم الثاني، وفي نهاية المطاف سيصل... 30 مراقبا [أعلن في تاريخ لاحق لكتابة هذا النص عن تعزيز بعثة المراقبين الدوليين ليصل عددهم إلى 250 مراقبا- الملاحظة من المحرر].

بعد تصعيد عنيف للقمع في عدة مدن سورية، أعلن النظام السوري وقفا لإطلاق النار من جهة واحدة في 12 نيسان. لكن العمليات العسكرية لم تتوقف.

ويأتي القرار 2042 عقب اختيار كوفي أنان مبعوثا خاصا بتفويض من منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. وقدم أنان مبادرة من ست نقاط: وقف العنف من قبل كل الأطراف، سحب الجيش من المدن، إطلاق سراح المعتقلين، السماح بدخول وسائل الإعلام والصحافيين وبدء الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة.

الجمعة 13 نيسان شهدت تزايدا لافتا للمظاهرات المناهضة للنظام، فلجان التنسيق المحلية أحصت خروج 771 مظاهرة. في 14 نيسان، أطلقت القوات الحكومية النار على مسيرة تشييع لشهيد في حلب، فسقط 20 شهيد من جديد. واستؤنف القصف على الأحياء الثائرة في حمص وريف دمشق.

تعكس مهمة كوفي أنان، في الواقع، تسوية، بلا شك متغيرة، بين القوى العظمى، الولايات المتحدة والدول الأوروبية من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى. لكن الثورة السورية لا تقوم فقط على البعد الدولي، تبعا لأهمية الجيو-استراتيجية لسوريا، وهي تقوم أيضا على بعد إقليمي، حيث يظهر جليا الموقف العدواني للدول الرجعية والأكثر ظلامية في العالم العربي، وتحاول السعودية وقطر إنشاء تحالف مع الحكومة التركية لتسليح كثيف لجماعات مسلحة صغيرة ومقربة منها. ويطلبان من الجيش التركي إقامة منطقة عازلة "آمنة". لكن هذا المسار لا يزال غير مثمر حتى اليوم. لكن الدول الرجعية تسعى للسيطرة على الثورة السورية وحرفها عن مسارها، لسببين على الأقل: فك الحلف السوري- الإيراني لإضعاف إيران، ومنع انتصار الثورة الشعبية والديمقراطية خوفا من تحولها إلى درس يحتذى به من قبل شعبيهما.

يوم الجمعة الماضي، الذي سمي بجمعة "ثورة لكل السوريين". هو دليل على النضج السياسي للثوار الذي يضع حدا لمحاولة السيطرة على الثورة. وينبغي التنويه إلى التأثير السياسي والإعلامي للسعودية وقطر، من خلال الجزيرة والعربية ووسائل "إعلامية" أخرى، آخذ بالتراجع وتفقد مصداقيتها في أعين الجماهير الثائرة. كذلك الأمر بالنسبة للمجلس الوطني السوري، الذي تحول على الرغم من الدعم الكثيف الذي يتلقاه إلى مجرد مكتب إعلامي.

إنه وقت تبديد كل الأوهام، الشعب السوري ثار بوجه نظام دموي، قد تعلم عمليا ووسط كل هذه الدماء معرفة أصدقائه الحقيقيين من أعدائه، واستطاع اختبار المأزق الذي حاولت دفعه إليه القوى التي تشجع "الثورة المضادة".

الطبقة العاملة والمستغلة هي في قلب الثورة. لهذا السبب، صرف الديكتاتور أكثر من 85000 عامل بين كانون الثاني 2011 وشباط 2012، وأغلق 187 مصنعا (بحسب الأرقام الرسمية)، من أجل ضرب دينامية احتجاج الطبقة العاملة في سوريا.

إذا رفضنا كل تدخل عسكري في سوريا، على الرغم من افتراضية هذا الاحتمال حاليا، فإننا نتضامن مع الثورة الشعبية السورية دون أي شرط. موقف بعض المجموعات "اليسارية" التي تركز فقط على إدانة التدخل العسكري الإمبريالي وتدخل الدول العربية الرجعية، هذا الموقف، يراه الناشطون اليساريون الثوريون السوريون، دعما لديكتاتورية برجوازية ودموية وخيانة لنضال للعمال والمستغلين من أجل الحرية، المساواة والعدالة الاجتماعية.

عاشت الثورة السورية!

عاشت الاشتراكية القاعدية!

-----------------------------------------

ترجمة وليد ضو

 
 
Partager cet article
Repost0
19 avril 2012 4 19 /04 /avril /2012 15:10
تروتسكي: حول الثورات الديمقراطية والاشتراكية في الصين وإسبانيا وإيطاليا

* تم نشر المقال لأول مرة في 21 يوليو 2011 بالموقع الإلكتروني لمجموعة الاشتراكيين الأمميين بأسكتلندا

في هذا المقال يلقي المناضل الاشتراكي الأسكتلندي، كريس بامبري، الضوء على السبل التي تعامل بها الثوري الروسي ليون تروتسكي وبشكل ملموس مع الثورات التي اندلعت في أواخر عشرينيات وأوائل ثلاثينيات القرن العشرين في ثلاثة بلدان، وذلك بنوعيها الديمقراطي والاشتراكي. إيطاليا في ظل الديكتاتورية الفاشية وحكم "بينيتو موسوليني"، الصين بعد هزيمة ثورة عام 1927، وأخيرا إسبانيا بعد سقوط ديكتاتورية "ميجيل بريمو دي ريفيرا" وإعلان الجمهورية.

تروتسكي والصين

يعرض لنا كل من المثال الأول والثاني لبعض الهزائم التي أضعفت من الطبقة العاملة في كل من إيطاليا والصين، أما الأخير فهو يتناول النهضة الهائلة في نضال الطبقة العامة الإسبانية والذي بلغ ذروته باندلاع الثورة والحرب الأهلية في عام 1936.

هناك منعطفين تاريخيين هامين - الأول استسلام كل من "جريجوري زنيوفييف" و"ليو كامينيف" رفاق "تروتسكي" وقادة المعارضة المتحدة ضد دكتاتورية "ستالين" الناشئة في هذا الوقت، ومن بعدهم استسلام "كارل راديك" وبقية أقطاب المعارضة عام 1929. والثاني بدء "ستالين" في تنفيذ مشروعه الخاص بالتجميع القسري - هذه الأحداث تركت "تروتسكي" متفرغاً لمواصلة العمل على تطوير أفكاره بشأن نظرية "الثورة الدائمة"، خاصة وإن رفاقه لم يؤمنوا بنظريته تلك بالأساس.

في نوفمبر من عام 1928 فُصل "تروتسكي" من الحزب الشيوعي الروسي بعد هزيمة المعارضة اليسارية على يد الجناح البيروقراطي للحزب بقيادة "ستالين". وفي خلال عام كان قد رحل إلى تركيا، حيث بدأ حياة جديدة في المنفى.

شكلت الثورة الصينية 1926 – 1927 نقطة خلاف رئيسية داخل كتلة المعارضة التي تكونت في مواجهة "ستالين". لم يختلف كل من "تروتسكي" أو الآخرين على ضرورة الحفاظ على استقلالية كل من الطبقة العاملة والتنظيمات الشيوعية. لكنهم لم يتفقوا على نظريته "الثورة الدائمة"، والتي كانت تقوم على تعميم ونقل الصراع من داخل روسيا إلى كل البلدان المستعمرة والنامية. وهكذا، بحلول عام 1929، تحرر "تروتسكي" من التزامه تجاه هذا النوع من الحلفاء، وبدأ في دعم وترويج هذا التعميم.

اندلعت الثورة الصينية في منتصف عشرينيات القرن العشرين تحت تأثير الثورة الروسية. كانت الثورة الصينية مزيجاً من الكفاح من أجل الاستقلال الوطني والوحدة ضد مختلف القوى الإمبريالية التي سيطرت على أجزاء من الساحل الشرقي للبلاد، وضد أمراء الحرب الذين تقاسموا معظم أنحاء البلاد فيما بينهم، إلى جانب تمرد الفلاحين ونضال الطبقة العاملة والتي كانت تعد صغيرة نسبياً لكنها كانت تمتاز بالقوة.

أصر قادة الاتحاد السوفيتي – ستالين وبوخارين - في ذاك الوقت، على انضمام الحزب الشيوعي الصيني إلى الحركة القومية "الكومينتانج"* بقيادة "تشانج كاي شيك"، وكان معنى هذا أن الحزب الشيوعي لم ينضم إلى الحركة بوصفه فصيل سياسي مستقل، وبالتالي لم يوجهوا أي نقد لسياسات "تشانج" وكان أن انساق الحزب وراءه بالكلية. علاوة على ذلك، كان على الطبقة العاملة الصينية الدخول في "كتلة من أربعة طبقات اجتماعية"، تضم فيما بينها البرجوازية الوطنية التقدمية، ومثقفي المدن، وأخيراً الفلاحين، وهذا بالطبع بعد الانصياع الكامل تحت قيادة "تشانج".

واصل الشيوعيون العمل تحت إمرة "تشانج"، والذي واصلت جيوشه تقدمها ونجاحها في تحرير المدن من سيطرة أمراء الحرب، وفي بواكير عام 1927، اندلعت انتفاضة من أجل تحرير "شنغهاي" في نفس الوقت الذي كانت قوات "تشانج" الحربية على مشارف المدينة. ثم بحلول مارس من نفس العام، انقلب "تشانج" على الشيوعيين وأطلق قواته نحو اليسار والطبقة العاملة.

بعد تلك المذبحة حاول كل من ستالين وبوخارين الحفاظ على تحالف مع الجناح اليساري من "الكومينتانج" من خصوم "تشانج". وبعد انقلاب "تشانج" على الشيوعيين أعطوا لهم الأوامر بالبدء في سلسلة من الانتفاضات الكارثية والتي بلغت ذروتها بهزيمة ساحقة في مقاطعة "كانتون". وبالطبع عارض تروتسكي كل ذلك بشدة، ودعا الشيوعيين إلى الحفاظ على استقلالية تنظيمهم ومعارضة مثل ذلك التحالف الطبقي الرباعي.

في حين أن على مستوى القاعدة، في أسس الاقتصاد الزراعي الصيني، كانت البرجوازية مرتبطة ارتباطاً طبيعياً وقوياً بكل أشكال الاستغلال الإقطاعي، بينما على مستوى القمة فإن البرجوازية كانت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالرأسمالية العالمية. ولذلك كان من المستحيل على البرجوازية الصينية أن تقطع صلاتها سواء بالإقطاع الزراعي أو الإمبريالية العالمية.

في أعقاب هزيمة الثورة، كان على تروتسكي أن يواجه "الكومنترن" الذي كان لا يزال يطالب بإنشاء مجالس عمالية، وما زال يناقش إمكانية العصيان المسلح وكأن شيئاً لم يحدث. وكان تعقيب تروتسكي على مثل هذه الترهات بأن قال: "إن شعارات الديمقراطية الثورية تتوافق أكثر مع أوضاع ما قبل الثورة التي تموج بها الصين اليوم".

وبنائاً على ذلك، حث تروتسكي بإلحاح أنصاره وكل الشيوعيين في الصين إلى إعلاء مطلب "الجمعية التأسيسية" استناداً إلى تجربة روسيا: فلسنوات عدة رفعت الثورة الروسية شعارين هما: "يسقط الاستبداد"، و "تحيا الجمعية التأسيسية". وبالنسبة لسؤال من سيدعو للجمعية التأسيسية؟ فإن إجابتنا هي: المستقبل سيحدد هذا، لأنها علاقة بين كل قوى، وفقاً لدور كل منهم أثناء الثورة نفسها.

وأوجز "تروتسكي" برنامج المطالب الديمقراطية الثورية، فكتب يقول:
"من أجل تحفيز العمال، وتنظيمهم، ولمنحهم القدرة على تكوين علاقات قوية مع الحركات الوطنية والفلاحية مما يتيح أمامهم الفرصة لقيادة تلك الحركات، فإن المطالب العاجلة المباشرة للبروليتاريا مثل (تحديد ساعات العمل، زيادة الإجور، الحق في التنظيم، إلخ..) يجب أن تشكل أساس احتجاجاتنا. ولكن هذا وحده لايكفي، فقط هذه الشعارات الثلاث هي التي يمكن أن تصعد بالبروليتاريا نحو السلطة: استقلال الصين، الأرض ملك الفلاحين الفقراء، والجمعية التأسيسية".

وقال أحد أنصار تروتسكي، وهوالسكرتير العام السابق للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، في ديسمبر 1929:
"يمكن إنجاز مهام الثورة الديمقراطية البرجوازية والتي تتلخص في (الاستقلال الوطني، وحدة الدولة، والثورة الزراعية)، في حالة تحالف البروليتاريا الصينية مع فقراء المدن والريف، عندها فقط سيتمكن قادتهم من اقتناص السلطة السياسية. أو بعبارة أخرى، لن تحقق الثورة البرجوازية النصر في الصين إلا على الطريقة الروسية، أي بثورة أكتوبر الصينية".

وتلك هي نظرية الثورة الدائمة.

تروتسكي وإسبانيا

بحلول بواكير عام 1930، أدى إنهيار "وول ستريت" وحالة الركود اللاحقة له، لإندلاع مظاهرات شعبية عارمة ضد سبع سنوات من ديكتاتورية الحاكم العسكري "ميجيل بريمو دي ريفيرا"، ونجحت الاحتجاجات اللاحقة في الإطاحة بالملك وإعلان الجمهورية في إسبانيا.

في مايو 1930 كتب "تروتسكي" لمؤيديه في إسبانيا قائلاً:

"في هذه المرحلة من الثورة، تميز البروليتاريا نفسها في هذا الخضم المتلاطم من الشعارات السياسية التي ترفعها وتتبناها كل التجمعات البرجوازية الصغيرة، ليس بأن ترفض الديمقراطية (كما يفعل الفوضويين والنقابيين**)، بل بالنضال الحازم والصريح من أجل الديمقراطية، وفي نفس الوقت تفضح وتدين بلا رحمة أو هوادة تردد البرجوازية.. في هذه المرحلة أيضاً، يمكن للبروليتاريا أن تقود الثورة – وأعني بهذا، أن تجمع الجماهير العريضة من العمال والمضطهدين حولها- فقط في حالة واحدة، وهي أن تتطرح دون تحفظ المطالب السياسية، جنباً إلى جنب مع مطالبها الطبقية الخاصة بها.. الفلاحين، ونظراً لأنهم فئة كبيرة مضطهدة، يعتقدون أن الشعارات الديمقراطية كافية لأن يسقط المضطهدين الطغاة. ولكن حتماً سيربط الفلاحين شعار الديمقراطية السياسية مع شعار التوزيع الجذري للأرض. كما أكد تروتسكي على ضرورة دعم الطبقة العاملة لحق العشائر الأسبانية المضطهدة في تقرير المصير، بما في ذلك حقها في الاستقلال.

في يناير عام 1931 هاجم "تروتسكي" هؤلاء الذين كانوا يقفون ضد تشكيل المجالس العمالية "السوفيتات" لصالح عقد البرلمان "الكوريتس":
ولكن إذا كنا بصدد مقاطعة البرلمان، فما هو البديل؟! في رأيي، سيكون من الخطأ طرح السؤال على هذا النحو. إن جماهير في المدن والريف لا يمكن توحيدهم في الوقت الحاضر إلا حول الشعارات الديمقراطية، وهذا يشمل أيضاً الانتخابات التأسيسية للبرلمان القائمة على أساس حق الاقتراع السري والمباشر، لا أعتقد أنه وفي ظل الوضع القائم يمكن التغاضي عن مثل هذه الشعارات. السوفيتات غير موجودة حتى الآن، وفي المستقبل القريب لن نتمكن من بناءها إلا من خلال تعبئة الجماهير حول الشعارات الديمقراطية. هذا يعني: لمنع النظام الملكي من تكوين برلمان شكلي ومضلل ومحافظ، ولضمان إنعقاد برلمان ديمقراطي، برلمان يعيد توزيع الأرض على الفلاحين، كما يقوم بأشياء أخرى كثيرة، أقول يجب علينا الآن تكوين مجالس العمال والجنود والفلاحين من أجل حماية ودعم مواقف الجماهير الكادحة.

وفي وقتٍ لاحق من نفس الشهر أوجز "تروتسكي" برنامج الديمقراطية الثورية في كتابه "الثورة الإسبانية" في تلك المطالب:
"مصادرة الأراضي ذات الملكية الخاصة، حكومة قليلة التكاليف (الديون – الضرائب الباهظة – وتكاليف الحروب الخارجية)، فصل الكنيسة عن الدولة، ونزع سلاحها، وتوزيع ثرواتها على الشعب، حق تقرير المصير، تعميم الحكم الذاتي للمقاطاعات المحلية، برلمان ثوري، تسليح العمال والفلاحين، وضع برنامج جذري للتشريعات الاجتماعية".

وكان "تروتسكي" على صلة وثيقة – وفقاً لما يتيح له منفاه – مع "أندرو نيين" وغيره من أنصاره في أسبانيا، وأنعسكت هذه الصلة في واقعية الأمثلة التي اعتمدها للتدليل على صحة نظريته من تاريخ إسبانيا الحديث. ولتوضيح مطالبه والاستراتيجية الملائمة لتحقيق تلك المطالب كتب:

كل هذه المطالب تنفيذها مرتهن بالانتقال من البرجوازية إلى نظام البروليتاريا، يجب أن يعدوا لهذا الانتقال، بحيث أنهم وفور تأميم البنوك والصناعة، يصبحون جزءاً من واضعي التدابير الاقتصادية، وبذلك يبدأون في إعداد الطريق من أجل مجتمع اشتراكي. الأدعياء فقط هم الذين يرون تناقض في رفع مزيج من الشعارات الديمقراطية بالتزامن مع شعارات المرحلة الانتقالية والشعارات الاشتراكية البحتة. والواقع، أن هذا البرنامج المختلط يعكس التناقض التاريخي في بنية المجتمع الأسباني، وما هو إلا نتاج تنوع المشكلات الموروثة من الماضي.

وحدد "تروتسكي" مهمة الثوريين في "الربط بين طليعة القطاعات الغير متجانسة من الطبقة العاملة، وبين القطاعات الأشد تناقضاً وتراجعاً مثل كادحي القرى، وأسهب "تروتسكي" شارحاً:
"الأكثرشجاعة، هم طليعة البروليتاريا المناضلين بحزم وبلا مساوامات من أجل تحقيق الشعارات الديمقراطية، وسرعان ما ستتمكن من كسب الجماهير إلى صفها، وبذلك ستقوض الدعم الجماهيري للبرجوازين الجمهوريين والاشتراكيين الاصلاحيين. وكلما أسرعنا في ضم أفضل عناصرها إلينا، كلما ارتبط شكل الجمهورية الديمقراطية في أذهان الجماهير بجمهورية العمال".

وعن سؤال "هل من المتوقع أن تتمكن الثورة الإسبانية من تخطي المرحلة البرلمانية؟" أجاب تروتسكي على النحو التالي:
"نظرياً هذا الأمر ليس مستبعد. فمن المحتمل أن تتمكن الحركة الثورية، وفي وقت قصير نسبياً، من اكتساب القوة التي لن تدع للطبقات الحاكمة لا الوقت ولا السرعة الكافييين من أجل خوض المرحلة البرلمانية. ومع ذلك، فإن هذا التصور غير وارد في الواقع. وكان تروتسكي قد شن هجوماً حاداً على "مقاطعي البرلمان" من الفوضويين والنقابيين الأسبان، الذين رفضوا البرلمان، لكنهم ’صوتوا خلسة لصالح الاشتراكيين، أو ربما الجمهوريين’، وكما وقفوا ضد الحزب الشيوعي الرسمي الذي دعا إلى بناء السوفيتات في كل مكان، واستنكر المطالب الديمقراطية وفقاً "للمرحلة الثالثة"*** التي نمر بها الآن".

هناك الماركسيين الذين يحتقرون ويزدرون مثل هذه الشعارات، على سبيل المثال، حق الاقتراع العام السري المباشر لجميع الرجال والنساء ممن بلغوا سن الثامنة عشر. ومع ذلك، فقد رفع بعض الشيوعيون الأسبان هذا الشعار في الوقت المناسب، ودافعوا عنه في الخطب والمقالات والكتيبات، والنشرات، وحقيقة الأمر أنهم قد اكتسبوا شعبية كبيرة جراء فعلهم هذا. وتحديداً نظراً لأن الشعب الأسباني يميل إلى المبالغة في قوة وقدرة البرلمان، لذلك نجد أن كل عامل نشط، وكل فلاحة ثورية يريدون المشاركة في الانتخابات. نحن لا نتضامن ولو للحظة مع تلك الأوهام الجماهيرية، ولكن علينا أن نغتنم كل ما هو تقدمي من بين هذه الأوهام بأقصى درجة ممكنة، وإلا فنحن لسنا ثوار وإنما أدعياء تافهين. فكلما انخفض سن الاقتراع فإن هذا يؤثر تأثيراً مباشراً في مئات الآلاف من العمال والفلاحين، من الرجال والنساء على حد سواء، ولكن من منهم تحديداً؟ يؤثر في العناصر الأصغر والأنشط، أولئك الذين ينادون إلى الثورة الثانية.

وعودة إلى نظريته "الثورة الدائمة" والتي حاول "تروتسكي" تطبيقها بشكل مباشر على أسبانيا – ليس في بلد واحد، ولكن في كافة المستعمرات التي تندمج إندماجاً كاملاً في الرأسمالية الأوروبية. ولإحراز تقدم على الستالينين أعتمد "تروتسكي" بمهارة على أفكار "لينين":

إن استيلاء الطبقة العاملة على السلطة يحدث في حالة وطنية محددة، في فترة محددة، لإنجاز مهام محددة. في الدول المتأخرة، مثل هذه المهام العاجلة غالباً ما تكون ذات طابع ديمقراطي: التحرر الوطني والثورة الزراعية، كما في الصين. أو الثورة الزراعية وتحرير القوميات المضطهدة، كما هو الحال في روسيا. وحالياً، نحن نرى الشيء نفسه في أسبانيا، وإن كان في تركيبة مختلفة. حتى أن "لينين" كان قد قال أن البروليتاريا في روسيا وصلت إلى السلطة في أكتوبر 1917 في المقام الأول بصفتها وكيلاً عن الثورة البرجوازية الديمقراطية. وبدأت البروليتاريا المنتصرة في إنجاز المهام الديمقراطية أولاً، وتدريجياً فقط، ولأنها كانت تسيطر فكان من المنطقي أن تبدأ في إنجاز المهام الاشتراكية. وهذا تحديداً ما أسماه "لينين" تطور الثورة الديمقراطية إلى ثورة اشتراكية.

في نفس المقال خاطب "تروتسكي" الشيوعيين الأسبان قائلاً: من منظور النضال من أجل ديكتاتورية البروليتاريا فإن الطريق مهيأ أمامكم تماماً، ومع ذلك، إن المهمة العاجلة للشيوعيين الأسبان الآن ليست النضال من أجل انتزاع السلطة، ولكن النضال من أجل الجماهير، وعلاوة على ذلك، فإن هذا النضال سيتطور استناداً إلى أسس الجمهورية البرجوازية، وإلى حد كبير تحت شعارات الديمقراطية.

ذكر "تروتسكي" فصيلاً آخر ، لطالما كان في طليعة النضال من أجل الديمقراطية في كل من روسيا والصين وأسبانيا، ألا وهم الطلبة. وحث "تروتسكي" على ضرورة تجنيد من أطلق عليهم حينذاك مثقفي الطبقة الوسطى مشيراً إلى إلى دورهم الرئيسي في الحركة الثورية الروسية.

تروتسكي وإيطاليا

المثال الأخير هو إيطاليا تحت الحكم الفاشي. في وقت مبكر من ثلاثينيات القرن العشرون قطع "تروتسكي" علاقته بأتباع "أماديو بورديجا" مؤسس الحزب الشيوعي الإيطالي، والذي كان قد استقال من الحزب على إثر معارضته للستالينية.

وفي الفترة من 1921 حتى 1923، اشتبك "بورديجا" مع كل من "لينين" و"تروتسكي"، لأنه كان يتبنى نظرية الهجوم (كان يرى أن على الشيوعيون تبني مطالب هجومية واعتماد تكتيكات هجومية دائماً) كما رفض استراتيجية الجبهة المتحدة التي طرحها كل منهما عندما انحسرت الموجة الثورية في مرحلة ما بعد الحرب، حينما كانت الأحزاب الشيوعية لاتزال أقلية داخل الطبقة العاملة.

ودون سابق معرفة ببعضهما البعض، كان لكل من "تروتسكي" و"أنطونيو جرامشي" نفس الرؤية، كانا يريا أنه إذا ما أطيح بالفاشية، فحتماً ستعقبها مرحلة ديمقراطية لأن الجماهير، خاصة بعد الهزيمة التي لحقت بهم على يد "موسوليني" عام 1922، لن تتحمل تبعات أكثر الحلول تطرفاً، ألا وهي الثورة. لقد أكد كل من "تروتسكي" و"جرامشي" على أهمية ومركزية إعلاء مطلب الجمعية التأسيسية.

هوامش:
الكومينتانج: الكومينتانغ هو الحزب الحاكم الذي ترأس سدة الحكم في جمهورية الصين. وتأسس الحزب في بكين بالصين بتاريخ 15 أغسطس 1912 تحت شعار أمة واحدة. (المترجمة)

النقابيين: النقابية أو السندكالية هي مذهب تغييري جذري يستهدف إحداث التغيير الاشتراكي في المجتمع لا عن طريق الاستيلاء على الدولة ومؤسساتها، بل عن طريق سيطرة العمال على وسائل الإنتاج والتوزيع والتبادل. وتدير المصانع ووحدات الإنتاج والعمل مجالس عمالية نقابية، وترتبط المجالس الحاكمة بعضها ببعض عن طريق اتحاد عام ينسق نشاطاها العام. ويصبح التنظيم السياسي للدولة و أجهزتها القمعية غير ذي ضرورة فيضمحل. أما الوسيلة الثورية الأولى عند السندكالية فهي الإضراب العام. (المترجمة)

المرحلة الثالثة: هو مفهوم الإيديولوجية التي اعتمدتها الأممية الشيوعية (الكومنترن) في جلساتها من المؤتمر العالمي الذي عقد في موسكو في صيف عام 1928. واستندت نظرية الكومنترن على التحليل الاقتصادي والسياسي للرأسمالية العالمية، الذي يطرح على تقسيم التاريخ الحديث الى ثلاث فترات. (المترجمة)

Partager cet article
Repost0
16 avril 2012 1 16 /04 /avril /2012 21:08
اعتصام صامت لعدد من قوى المعارضة السورية بدمشق

اعتصم عدد من المعارضين السوريين بدمشق الاثنين 16/4/2012، للتأكيد على وحدة الشعب السوري، وعلى مطالبه في الحرية والديمقراطية، ونبذ الطائفية، وللتشديد على ضرورة الحفاظ على سلمية الثورة، جاء ذلك تلبية لدعوة عدة قوى سياسية معارضة .

وقد انفض الإعتصام الذي دعت إليه القوى الوطنية في سورية ممثلة بهيئة التنسيق، والمنبر الديمقراطي، وإئتلاف وطن، والقومي السوري، وإعلان دمشق، وربيع دمشق، والحزب الوطني الحر، وتيار بناء الدولة في ساحة الجهاد في وسط العاصمة دمشق، وذلك تحت شعار (مستمرون في ثورتنا السلمية حتى تحقيق اهداف شعبنا)".

وقد رفعت في الاعتصام "يافطات كتب عليها شعارات وطنية تؤكد على وحدة الشعب السوري، وعلى مطالبه في الحرية والديمقراطية، ونبذ الطائفية، وتشدد على ضرورة الحفاظ على سلمية الثورة وغيرها من شعارات".

وأفاد احد الشهود ان "تواجد الأمن في المكان بكثافة لكنه لم يتدخل، لمنع الاعتصام رغم انه حاول التضييق على المعتصمين واستفزازهم. لقد استمر الاعتصام كما هو مقرر ساعة واحدة أي من الساعة الحادية عشرة إلى الساعة الثانية عشرة من ظهر الاثنين الواقع في 16/4/2012".

Partager cet article
Repost0
16 avril 2012 1 16 /04 /avril /2012 21:04
كيف تحكمنا الدولة الرأسمالية؟

إن الرأسمالية هي مجتمع منقسم طبقياً بسبب الاستغلال. في ظل الرأسمالية، تقوم أقلية ضئيلة تتمتع بامتيازات كبيرة بحُكم الأغلبية العظمى، وتعيش على عرقهم. كيف يفلتون بهذه الفعلة؟

الإجابة هي كما أوضح الماركسي الإيطالي، أنطونيو جرامشى، تكمن في مزيج من ممارسة القوة واستخلاص الرضا. في واقع الأمر فإن القوة والرضا أمران قريبان أبلغ القُرب، ويعززان أحدهما الآخر، لكني الآن سأناقش كل منهما على انفراد.

عنصر القوة يُمارس بالأساس من قِبل الدولة، تلك الشبكة من المؤسسات الممتزجة المختلطة: القوات المسلحة والشرطة والقضاء والسجون والبيروقراطية الحكومية، إلخ، وهي تقف على رأس المجتمع وتعلن أنها صاحبة زمام السلطة العامة، بما في ذلك احتكار القوة المشروعة.

هذا الجهاز الحكومي يزعم على كل مستويات عمله، أنه يمثل المجتمع ككل – ما يُعرف بالصالح الوطني أو الصالح العام. من ثم يأتي التأكيد العميق من الشرطة والقضاة والجنرالات وهلم جرا، بأنهم محايدون سياسياً. لكن فكرة المصلحة الوطنية أو العامة المشتركة هي أسطورة وسراب. الأمة قوامها طبقات، مستغلون ومُستغلين ومصالحهم متعارضة، والمجتمع الذي تمثله الدولة ليس مجتمعاً على إطلاقه، بل هو تحديداً المجتمع الرأسمالي، المستند إلى علاقات الملكية الرأسمالية وعلاقات الإنتاج الرأسمالي. أول واجب للدولة هو ضمان ديمومة هذا النظام الرأسمالي، وبما أن هذا النظام هو باختصار تفوق الطبقة الرأسمالية، فإن الدولة، على حد وصف ماركس "ليست أكثر من مجلس إدارة المصالح المشتركة للبرجوازية بأسرها".

الطبيعة الطبقية للدولة تنعكس على تكوينها. المراتب العليا من العسكرية والشرطة والقضاء والسلك الوظيفي الحكومي تشغلها بالأساس البرجوازية، وتحافظ على الصلات الاقتصادية والعائلية والاجتماعية مع تلك الطبقة. لكن دخول فرد من الحين للآخر لهذه الطبقة من الطبقات الأدنى لا يغير شيئاً. على جانب، الموقف الطبقي لهذا الفرد يتغير من واقع ترقيته ويميل من ثم لأن يتغير أسلوبه في الحياة. على الجانب الآخر، فإن قبول النموذج الرأسمالي في إدارة الدولة هو شرط لهذا الارتقاء.

تبعات الطبيعة الرأسمالية للدولة هي أن القوة – أو التهديد بها – تكمن وراء كل مظاهر الحياة اليومية. لننظر إلى بعض الأمثلة: عامل يذهب إلى عمله وينتج إنتاجاً جيداً. في نهاية اليوم يحاول أن يأخذ بعضاً من إنتاجه أو كله، معه إلى البيت. لكن العامل بالطبع سيتعرض للاعتقال والاحتجاز القسري في زنزانة عند الشرطة. أو عمال في مصنع يقررون الإضراب عن العمل، لكن تسعين في المائة يضربون ويحاول عشرة في المائة العمل. القانون – على هيئة عدد كبير من رجال الشرطة – سوف يصل سريعاً إلى المصنع ليكفل"الحق في العمل". لكن إذا قرر أصحاب المصنع إغلاق المصنع وإلغاء كل قوة العمل، فسوف تصل الشرطة أيضاً، هذه المرة لضمان عودة الجميع إلى البيت ولن تحرك أي التماسات من أجل "الحق في العمل" شعرة منهم.

في كل هذه الحالات سوف تقول الشرطة إنها "تؤدي عملها" لا أكثر، لكن هذه هي المسألة: أن عملهم هو إنفاذ الاستغلال الرأسمالي. الأمثلة التي ذكرتها ربما تكون غريبة نوعاً، لأنها واضحة ومباشرة، ومن ثم فهي تدخل في عداد المُسلَّم به من الأمور، إلا أنها هي جوهر القضية. الاستغلال الرأسمالي لا يمكن أن يستمر خمس دقائق لولا قوانين الدولة، التي تدعمها قوة الدولة لتحافظ على ديمومتها.

أغلب الوقت تبقى قوة الدولة قدر الإمكان متخفية وبعيدة عن الأنظار، تقبع في الخلفية، لكنها تظهر في الصدارة لحظة أن يطرأ أي تحدٍ حقيقي لمصالح الطبقة الرأسمالية. إذا جاء التحدي من الخارج تأخذ هذه القوة هيئة الحرب، وإذا كان التحدي داخلي فهو يُواجه بالقمع. إذا جاء التحدي من حكومة مُنتخبة فسوف تأخذ القوة هيئة تنظيم انقلاب عسكري أو فاشي، كما حدث على سبيل المثال في حالة الجنرال بينوشيه في تشيلي عام 1973، أو المحاولات التي طرأت مؤخراً ضد حكومة شافيز في فنزويلا.

هذه النقطة الأخيرة: الاستخدام المتحمل لقوة الدولة لصالح البرجوازية وضد الحكومة القائمة، هي نقطة هامة للغاية. أولاً هي تقوض الرؤية الدستورية الرسمية للأمور تماماً (والرؤية التي تتبناها العلوم السياسية وتُدرس في نظام التعليم) بأن جهاز الدولة تابع للحكومة المنتخبة. ثانياً، هي تشير إلى موضوع مركزي في النظرية الماركسية، تجاهلته أو شوهته ما يُفترض أنها أحزاب اشتراكية أو ماركسية على مدار القرن العشرين.

استراتيجية هذه التنظيمات – بدءاً بالحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني قبل الحرب العالمية الأولى – كانت كسب "القوة" من خلال انتخابات برلمانية، من ثم كسب السيطرة على جهاز الدولة، ثم البدء في استخدام هذا الجهاز لأجل بناء الاشتراكية. لكن ماركس، من واقع خبرة كوميون باريس، قال بأنه ليس من الممكن للطبقة العاملة أن تسيطر على آلة الدولة القائمة وأن تستخدمها لأغراضها. الدولة القائمة مرتبطة عضوياً بالبرجوازية ولا يمكن استخدامها لصالح الاشتراكية، بل لابد من كسرها وتحطيمها واستبدالها بجهاز دولة جديد تخلقه الطبقة العاملة.

نظرية ماركس الحقيقية الخاصة بالدولة أعيد اكتشافها والتأكيد عليها بقوة على يد لينين في كتابه العظيم: الدولة والثورة. بل والأكثر أنها طُبقت في الثورة الروسية من خلال السوفييتات، أي سلطة المجالس العمالية. لكن فيما بعد عادت الحركة الشيوعية الدولية – بتوجيه من الستالينية – إلى فكرة الطريق البرلماني المؤدي إلى الاشتراكية، والسيطرة على جهاز الدولة القائم.

إلا أن الاعتراض قائم دائماً، ويتمثل في فكرة: الدولة الحديثة بجيوشها ودباباتها وقنابلها وطائراتها أقوى من أن تُحطم، حتى من قبل أقوى الحركات الجماهيرية للطبقة العاملة. إلا أن هذا الافتراض يُخرج من المعادلة نقطة الضعف الهامة في الدولة وكل سلطة الطبقة الحاكمة، وهي في واقع الأمر أن كل عملياتها تعتمد على تعاون قطاع من الطبقة العاملة. كل بندقية تحتاج إلى جندي يحملها، وكل دبابة تحتاج إلى سائق، وكل طائرة تحتاج إلى فريق من الفنيين. جهاز الدولة بأسره تقريباً يديره ويُشغله العمال من أدنى المستويات، وما يحدث في الثورات الجماهيرية هو أن الضغط من العمال يؤدي إلى مخالفة الكثير أو أغلب هؤلاء العمال لضباطهم وانضمامهم إلى الشعب. هكذا تُكسر الدولة.

إلا أن ما يتضح مما ذُكر هو أن التحليل الأخير لحُكم البرجوازية لا يستند إلى القوة فحسب، بل أيضاً إلى الرضا.

دور الأيديولوجية

كما رأينا فإن سيطرة الطبقة الحاكمة تعتمد بالأساس على القوة التي تُمارس أولاً وقبل أي شيء من خلال الدولة. لكن إذا استندت تلك الطبقة إلى القوة فحسب فسوف تصبح عرضة وبكل سهولة لانقلاب الطبقة العاملة عليها، والتي تشكل أغلب كيان المجتمع. قوة الطبقة الرأسمالية ودولتها تجد أبلغ الدعم والتعزيز من حقيقة أن أغلب الوقت يمكنها الحصول على الرضا على حكمها من أغلب الأفراد الذين تضطهدهم وتستغلهم.

إن دور الأيديولوجية هو الحصول على هذا الرضا والحفاظ عليه. كل مجتمع فيه أيديولوجية مهيمنة: مجموعة من الأفكار.. رؤية للعالم.. تخدم لتوضيح وتبرير والحفاظ على النظام الاجتماعي القائم ومؤسساته. إن جزءاً من قوة الأيديولوجية المهيمنة في المجتمع الرأسمالي الحديث أنها لا تحدد لها اسماً أو تُقر بوجودها. إنها لا تقول للناس "هذه هي الأيديولوجية الرأسمالية" فاتبعوها. بل إنها تعرض نفسها على هيئة سلسلة من الافتراضات الفردية التي تُعرف باتباع "الحدس السليم"، أمور مثل: الإدارة، على العمال أن يعملوا معاً لصالح "الكل"، أو "لا أحد فوق القانون" أو "لابد أن تربح الشركات" أو "الحلو ما يكملش" أو "هذا ضد الفطرة البشرية".

في واقع الأمر، هذه ليست أفكاراً منفصلة عن بعضها، بل هي أيديولوجية متكاملة، ومثلها مثل جهاز الدولة، تخدم مصالح الطبقة الرأسمالية. مبدأها الأساسي هو تزييف العلاقات الرأسمالية للإنتاج بوصفها خالدة لا تتغير. لكن لماذا يقبلها من تظلمهم هذه الأفكار – أي من يعملون بأجر – على الأقل جزئياً؟

ماركس لديه إجابة واضحة على هذا السؤال:

أفكار الطبقة الحاكمة هي في كل العصور أفكار الحُكم. أي أن الطبقة التي تعتبر القوة المادية الحاكمة في المجتمع هي في الوقت نفسه القوة الثقافية والفكرية الحاكمة. الطبقة التي لديها سبل الإنتاج المادي تحت إمرتها، لديها السيطرة في الوقت نفسه على كل سبل الإنتاج الذهني، من ثم وبشكل عام فإن أفكار أولئك الذين تعوزهم سبل الإنتاج الذهني يخضعون للإنتاج الذهني القائم. (الأيديولوجية الألمانية).

سبل الإنتاج الذهني – من مدارس وجامعات وناشرين وصحافة وإعلام بشكل عام – اتسعت في زمننا هذا كثيراً (التعليم الجماهيري والتلفزيون والإذاعة وصناعة الأفلام، إلخ) مقارنة بأيام ماركس، لكنها ما زالت بالكامل في يد الطبقة الرأسمالية ودولتها. هذا يعني بالنسبة للأغلبية العظمى من الناس أن كل خبر وكل قطعة معرفة تاريخية أو اقتصادية أو علمية وكل قدر ضئيل من التعليم يتلقونه عن الأخلاق والدين، يأتيهم في إطار الأيديولوجية الرأسمالية. لا يمكن ألا يؤدي كل هذا لأثر هائل على تفكيرهم.

فضلاً عن هذا، فإن الأيديولوجية البرجوازية لها ميزة أنها أفكار قديمة وتظهر في أغلب الأحيان – على الأقل من السطح – على أنها تعكس واقع الأمور. على سبيل المثال، الشركات التي تخفق في الربح تخرج من السوق، ويخسر عمالها وظائفهم. والأهم، كما أن الأيديولوجية الرأسمالية تضفي الشرعية على الدولة، فإن القوة المادية للدولة تدعم الأيديولوجية. كما ذكرت من قبل، فإن القوة والرضا يتفاعلان ويعزز أحدهما الآخر.

إلا أن السؤال الحقيقي ليس إذن لماذا يقبل كل هؤلاء العمال بالأفكار البرجوازية، بل هو: كيف يمكن كسر قيود هذه الأفكار؟

نقطة ضعف الرأسمالية الكبرى هي أنها تفشل في محاكاة تجربة العمال: تجربة الاستغلال والفقر والبطالة والظلم، إلخ. النتيجة أن إحكام قبضة الأفكار الحاكمة ليست كُلية في أي حالة من الحالات. أغلب العاملين بأجر يطورون ما يصفه جرامشى بـ "الوعي المتناقض"، فهم يرفضون بعضاً من الأيديولوجية المهيمنة، بينما يستمرون في قبول أجزاء أخرى منها. على سبيل المثال، قد يُظهر العامل فهماً واضحاً للكفاح الطبقي في مكان عمله، لكن آرائه في قضايا المرأة أو العمال الأجانب مثلاً متحفظة ودفاعية. في الوقت نفسه، هناك أقلية صغيرة تنفصل عن الأيديولوجية الرأسمالية وتتحرر منها بشكل عام، وتتبنى الرؤية الاشتراكية والماركسية.

هذه الأقلية بالغة الأهمية لأن في بعض الظروف يمكن أن تصبح قائدة للعديد من العمال – أو حتى أغلب العمال–الذين يعانون من الوعي المختلط.

ما هي هذه الظروف؟ أولاً، عندما يتحول الصراع الموضوعي بين الطبقات إلى نضال واضح ومباشر، مثل الإضراب، لا سيما الإضراب العام. ثانياً، في حالات الأزمات الاقتصادية و/أو السياسية الشديدة، مثل الوقوع في حالة ركود شديد أو التورط في حرب كارثية، عندما تصبح الفجوة بين الأيديولوجية الغالبة والواقع واسعة وكبيرة بحيث يبدأ التناغم في الانهيار. لكن الأهم، عندما يتصادف هذا الظرف مع ذاك. ثم يصبح ممكناً للأقلية المتجانسة ليس فقط أن تقود أغلب العمال في النضال – على أساس وعي هذه الأقلية التقدمي – بل أيضاً تبدأ في إحداث نقلة في وعي الأغلبية إلى خندق المعارضة الواضحة والمباشرة للنظام.

إن عناصر النضال الجماهيري هامة لأن مستوى وعي العمال وثيق الارتباط بثقتهم. كلما نقصت ثقة العمال في قدرتهم على التحدي وتغيير النظام، زاد قبولهم للأيديولوجية المهيمنة، لا سيما عناصرها من قبيل العنصرية والتعصب ضد الأجانب والتحيز ضد المرأة، إلخ، التي يصرفون فيها غضبهم وإحباطهم على كبش فداء. كلما زادت الثقة، اتسع أفقهم وأصبحوا مستعدين لتقبل أفكار جديدة. في النضال الجماهيري يشعرون بقوتهم الجماعية وتثبت مزايا التضامن قوتها وأهميتها في معترك الممارسة الميدانية.

ثم المهم هو حجم وتأثير وتنظيم الأقلية المتجانسة وقدرتها على تقديم رؤية سياسية واضحة لغضب وطموحات الجماهير.

هذا المزيج من الظروف والأفكار والتحركات هو الكفيل بكسر سيطرة الأيديولوجية الرأسمالية وقوة الدولة الرأسمالية.

Partager cet article
Repost0
14 avril 2012 6 14 /04 /avril /2012 22:28
الثورة في القرن الحادي والعشرين

يُخبرنا من يحكمون العالم أن الثورة شيء غير ممكن وغير مرغوب فيه. لكن الحقيقة أنها واحدة من الملامح المتكررة للعالم المعاصر.

كل البلدان الأوروبية تقريبا عرفت تفجرات ثورية أو شبة ثورية خلال التاريخ القريب ـ الثورة الروسية 1917، الانتفاضة الأيرلندية 1916ـ1921، الثورتان الألمانية والنمساوية اللتان أطاحتا بإمبراطوريّ البلدين 1918ـ1919، الثورة الإسبانية 1931ـ1936، الانتفاضات التي حررت باريس ومدن إيطاليا الشمالية وأثينا من الاحتلال النازي 1944، الانتفاضة الألمانية الشرقية 1953، الثورة المجرية 1956، أحداث مايو 1968 في فرنسا، الثورة البرتغالية 1974ـ1975، حركة تضامن في بولندا 1980ـ1981، وثورات أوروبا الشرقية 1989ـ1990.

بدون هذه التفجرات، ما كان ممكنا أن تصبح أي من هذه الدول على ما هي عليه الآن.

أما خارج أوروبا، فالصورة حتى أكثر وضوحا. معظم حكومات العالم الثالث، الممثلة في الأمم المتحدة، ما كان لها أن توجد دون الحركات الثورية ضد السيطرة الاستعمارية الغربية في الأعوام الستين الأخيرة. الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها تم تشكيلها عن طريق تفجر ذو أبعاد ثورية في مرحلة تاريخية أبعد قليلا – الحرب الأهلية الأمريكية في السنوات الأولى من العقد السابع للقرن التاسع عشر.

إن انتشار الثورة لا يجب حقا أن يدهش أحدا. فالعالم الحديث بأكمله تشكّل عن طريق أسرع النظم الاقتصادية تغيرا عرفها العالم – الرأسمالية. قوة الرأسمالية الدافعة هي المنافسة العمياء لمراكمة الأرباح والثروة. ومن أجل هذا الهدف هي تعيد تشكيل الزراعة والصناعة باستمرار، مبدّلة بهذا الشروط التي يعمل من خلالها البشر، ومحدثة في هذا السياق تغييرات في كل طرق معيشتهم.

تنتزع الرأسمالية الناس من قراهم وتقذف بهم إلى المدن العملاقة، إلى حد أن 60% من البشر سوف يكونون من سكان المدن بعد عشرة أعوام من الآن. وهي أيضا تنقل ملايين الناس آلاف الأميال من بقعة في العالم إلى أخرى، وتكدسهم في المصانع والمكاتب، ولكنها تأتي كل بضعة سنوات لتقول لهم أن هناك أزمة اقتصادية وأن عليهم أن يبحثوا عن عمل في مكان آخر.

تَعد الرأسمالية الناس بالرفاهية وبالمعاش في حالة التقاعد، ثم تسلبهم ما وعدتهم به. وتقول للنساء في أحد العقود مكانكن هو البيت، ثم تأتي في عقد تال لتخبرهن أنهن لا تستحققن أي امتيازات إذا لم تعملن. وهي تكرر للناس القول أنهم ما لم يخضعوا لمتطلباتها، فسوف تنقل الإنتاج إلى مكان آخر.

إن هذا يختلف كليا عن التغيرات البطيئة في الشروط الاقتصادية والحياة الاجتماعية التي ميزت كل المجتمعات السابقة على الرأسمالية الصناعية، قبل 230 عاما فقط. حاولت الطبقات الحاكمة في تلك المجتمعات أن تُخضع من تسيطر عليهم لنظام صارم يشجع الأفكار المحافظة التي تعظ بأن الأشياء في المستقبل ستظل كما كانت في الماضي. وكما تقول الترنيمة المسيحية "الرجل الغني في قلعته، والرجل الفقير عند بوابته، إن الله هو من جعلهم أغنياء وفقراء وهو من حدد لهم مكانتهم." وبالنسبة لكثير من الفقراء الذين لم يعرفوا أي نوع آخر من الحياة، فإن الأمر بدا بالفعل كما لو أنه هكذا ينبغي أن تكون الأمور.

الحكام الرأسماليون أيضا يحبون وضع القيود العقلية على من يعملون عندهم عن طريق الأفكار المحافظة. ولكنهم يكتشفون أنه يصعب عليهم الاستمرار في ذلك لأي فترة طويلة من الزمن، لأن سرعة التغيرات الاقتصادية تؤدي إلى تبدلات في الأوضاع الاجتماعية مما يجبر الناس على تغيير أفكارهم.

كانت فترة صعود الرأسمالية فترة تغيرات ثورية في المجتمع. الرأسماليون، بعد أن راكموا الثروة في إطار النظام القديم الما قبل رأسمالي، أرادوا أن يعيدوا تشكيل هذا النظام ليناسب احتياجاتهم الجديدة. وهذا كان يعني الحرب من أجل السيطرة على المجتمع، أو على الأقل تشجيع الآخرين للحرب نيابة عنهم.

لكن هذا لم يكن حدثا غير متكرر يستطيع بعده الرأسمالي الرجوع إلى الطرق المحافظة مرة أخرى. فأي تغيرات سريعة أخرى في الإنتاج تخلق احتياجات جديدة للرأسماليين، مما يتطلب تغييرات أخرى في نظام المجتمع. ويتكرر هذا المرة تلو المرة مع كل توسع وتحول وإعادة هيكلة للإنتاج الرأسمالي.

وكما أشار كارل ماركس وفريدريك إنجلز "التثوير الدائم للإنتاج والتغير المستمر لكل الظروف الاجتماعية، واللايقين اللانهائي، والفوران، كل هذا يميز الحقبة البرجوازية عن كل ما سبقها من عهود. كل العلاقات الثابتة والمتحجرة، وما يتبعها من أحكام مسبقة وآراء يتم تنحيتها بعيدا، كل ما هو جديد يصبح قديم جدا قبل أن يتحلل، كل ما هو جامد يتحول إلى هواء."

ينطبق هذا بشكل مطلق على القرن الحادي والعشرين – تلك المرحلة من الرأسمالية التي يطلق عليها عادة "العولمة". فـ"السوق الحرة"، و"الليبرالية الجديدة"، تعنيان تحرير الرأسمالية من كل القيود، حتى تلك القيود التي تمنع الرأسمالية من تدمير المؤسسات الاجتماعية والأوضاع التي كانت تخدمها جيدا في الماضي. الآن تتعامل الحكومات الرأسمالية مع التقلبات الوحشية للنظام، انتعاشه وأزماته، بالتخلي عن الطرق التي كانت تدعي أن بمقدورها السيطرة على هذه التقلبات.

وفي نفس الوقت تدعي الحكومات أن "قواعد المنافسة" تستبعد وضع أية قيود حقيقية على استهلاك احتياطيات المادة الخام التي تعتمد عليها الرأسمالية أكثر من غيرها – النفط. وفي هذا السياق تحدث الرأسمالية، من خلال ظاهرة "الاحتباس الحراري"، تدمير بيئي لم يسبق له مثيل. والقوة الرأسمالية الأكبر، الولايات المتحدة الأمريكية، تميل بشكل متزايد للتهديد بالحرب، كوسيلة للتأكد أنها لن تخسر في منافسة تتزايد عشوائيتها.

هذا هو العالم في القرن الحادي والعشرين. إنه عالم غير مستقر، الثورة فيه أكثر احتمالا، وليست أقل احتمالا، من أي وقت مضى.

ما الذي يصنع ثورة؟

يتحدث الناس عادة كما لو أن الثورة تُصنع بواسطة مجموعات الاشتراكيين الموجودة بالفعل التي تكبر أحجامها قليلا ثم تقوم بتغيير الأمور فجأة. في أواخر الستينات كان الناس يرددون وراء تشي جيفارا قائلين "إذا كنت ثوريا، فاصنع ثورة".

لكن الثورة لا تحدث أبدا نتيجة سلوك مجموعة من الاشتراكيين فحسب، بغض النظر عن كونهم مجموعات صغيرة أو كبيرة. إنها تحدث لأن كتلا هائلة من الناس، العديد منهم لم يفكر في أمر الثورة في الماضي، دفعوا بأنفسهم إلى مركز المسرح السياسي.

الثورة الفرنسية العظمى 1789 بدأت ليس بسبب نشاط حفنة من الجمهوريين، ولكن لأن آلاف من البشر من أفقر أحياء باريس اختاروا أن يزحفوا إلى القصر الملكي في فرساي.

ثورة فبراير الروسية 1917 بدأت عندما أضربت عاملات النسيج، المتقززات من العمل لساعات طويلة في مقابل أجور هزيلة، وأخذن في قذف كرات الثلج على نوافذ المصانع التي فيها أزواجهن ليخرجوهم إلى الخارج معهن.

مثل هذه الأحداث تحدث تلقائيا، عندما يشعر عدد ضخم من البشر العاملين أنه فقط بأخذ الأمور في أيديهم يمكنهم تحقيق ما يريدون. وفي العادة، يكون أولئك الذين روجوا في الماضي للتغيير الثوري مفاجئين، كغيرهم من الأشخاص، بالتحول في الأحداث.

يحدث هذا لأن العمليات الاجتماعية الأوسع تجعل الناس يتخلون عن طرقهم القديمة للتعامل مع الأحداث.

أشار القائد الثوري الروسي لينين، حين كتب في عام 1915، قبل أحداث 1917 بفترة طويلة، إلى عنصرين ضروريين لظهور هذا التحول في سلوك الناس:

العنصر الأول: لابد أن تصل الطبقات الأدنى إلى نقطة تجد عندها أن شروط معيشتها أصبحت غير محتملة بشكل متزايد.

هذا في حد ذاته غالبا غير كاف لتفجير انتفاضة جماهيرية. يستطيع الناس أن يستجيبوا حتى لتخفيض رهيب في مستويات معيشتهم أو لتدهور في شروط عملهم، بأن يحبطوا أو أن يتحولوا ضد بعضهم البعض بدلا من أن يصبحوا مناضلين. معدل التذمر يزداد، وليس معدل الفعل.

هذا ما جعل لينين يشدد على العنصر الثاني المهم، وهو أن الأزمات الاقتصادية أو السياسية لا تسبب فقط زيادة الإحساس بالغضب في قاعدة المجتمع، ولكن يمكنها أيضا أن تؤدي إلى دخول الطبقة الحاكمة في مأزق لا تستطيع الخروج منه بسهولة.

الأزمات الاقتصادية الكبرى تجعل أكثر الرأسماليين قوة يرتعدون. وكذلك يفعل تورطهم في حروب طويلة لا يمكنهم الانتصار فيها بسهولة. في هذه الحالة يبدأ أعضاء الطبقة الحاكمة في لوم بعضهم البعض على ما يحدث، مع محاولة كل رأسمالي أن ينجو بنفسه على حساب الرأسماليين المنافسين وعلى حساب الناس أيضا.

وفي الحالة القصوى يؤدي هذا إلى إصابة الآلة الإعلامية والقمعية للحكام بالشلل. كل قطاع في الطبقة الحاكمة يحاول أن يستخدم الإعلام والبوليس السري ضد منافسيه. كما يحاول أن يحرّض قطاعات من الجماهير لدعم خططه ضد منافسيه.

لكن حتى في ظروف أقل حدة، فإن الحرب داخل الطبقة الحاكمة تجعل الجماهير تشعر أنها ليست أمام حائط صلد مقاوم لمطالبها وأنه يمكن أن يكون لأفعالها تأثيرا.

الحالة الثورية تنفجر عندما يحدث العنصران معا، عندها، حسب كلمات لينين، "لا ترغب الطبقات الدنيا في العيش بالطريقة القديمة"، كما أن "الطبقات العليا لم تعد قادرة على العيش بالطريقة القديمة". لا أحد، في أي مستوى من مستويات المجتمع، يكون راضيا عن النظام القائم. الكل يكون متعطشا لحل، مهما كان "متطرفا".

الرأسمالية في النصف الأول من القرن العشرين كانت باستمرار تنتج هذه الحالات الثورية مع الحروب الكبرى والأزمات الاقتصادية الكبرى. والرأسمالية في بداية القرن الحادي والعشرين مرة أخرى تنتج هذه الحالات الثورية بعولمتها الفوضوية للإنتاج والتمويل.

ذلك أن هذه العولمة الفوضوية تعني أن بلدانا بأكملها، أو حتى مناطق بأكملها من العالم، قد تُضرَب فجأة بأزمات اقتصادية أو صراعات عسكرية تجعل الحياة غير قابلة للتحمل من قبل الشعوب، وتجعل الطبقات الحاكمة تمسك بخناق بعضها البعض.

ما حدث في الأرجنتين منذ سنوات قليلة يعتبر مثالا أساسيا لما يمكن أن نتوقعه في أماكن أخرى في العقد القادم. خلال معظم التسعينات كانت الأرجنتين هي النموذج لعولمة الاقتصاد القومي. رئيسها ووزير اقتصادها كانا المثال الذي ينبغي احتذاؤه لدى الاقتصاديين الرسميين في كل مكان نظرا للسرعة التي نفذا بها إعادة الهيكلة والخصخصة والترحيب بالرأسمال الأجنبي.

ثم ضربت الأرجنتين أزمة مالية كانت بدايتها في الجانب الآخر من العالم. فتزايدت ديونها الخارجية فجأة وخرجت عن نطاق السيطرة. وانهارت السوق المحلية لسلعها. ووصلت البطالة إلى معدلات فلكية. وجمدت الدولة كل حسابات المواطنين. ثم انقسمت الطبقة الحاكمة على نفسها بصدد الإجابة على سؤال ما الذي يمكن فعله.

عندها بدأ الناس، الذين لم يفكروا من قبل أبدا في النزول إلى الشارع، من عاطلين وعمال يدويين وموظفين حكوميين وقطاعات من الطبقات الوسطى، يزحفون في اتجاه القصر الرئاسي، محاربين البوليس لمدة 24 ساعة، قبل أن ينجحوا في إسقاط الحكومة.

الأرجنتين لم تكن أبدا حالة معزولة. فلقد رأينا بعضا من هذه العوامل تتفاعل خلال الأعوام الأخيرة في انتفاضات ألبانيا، إندونيسيا، صربيا، إكوادور وبوليفيا. ونستطيع توقع المزيد في الأعوام القادمة.

قد يبدو الأمر وكأن بلد ما تتمتع بالسلام والاستقرار لسنوات. لكن عولمة الرأسمالية تعني أن تلك البلد قد تكتشف أنها كانت مثل عارضة خشبية هادئة في عرض البحر بين موجتين كبيرتين تهددان فجأة بأن تغمراها. في هذه الظروف يمكن للجماهير أن تدخل الحياة السياسة بطريقة مفاجئة لا يستطيع أحد أن يتنبأ بها.

دور الثوريين

ليست كل "الحالات الماقبل ثورية" تنتهي إلى ثورة اشتراكية ناجحة.

الدخول المفاجئ للحياة السياسية من قبل عدد ضخم من الناس من خلال الإضرابات الجماهيرية والانتفاضات العفوية، يؤدي إلى مستوى غير مسبوق من النقاش حول الطريق الذي ينبغي السير فيه. تصبح السياسة هي الموضوع الدائم للحديث بين الناس كلما تقابلوا سويا – في كل طابور أتوبيس، في كل محل، في كل مصنع ومكتب، في كل مدرسة، وفي كل محفل اجتماعي – بطريقة لا يمكن أن نتخيلها نحن الذين نعيش في أوقات غير ثورية.

الناس المتعطشون لتغيير حياتهم يبحثون بكل كيانهم عن الطريق إلى المستقبل. الاشمئزاز من النظام الحالي من ناحية، وخبرة الإضراب الجماعي والتظاهر الجماعي من ناحية أخرى، يجعلان العمال مستعدين بشكل خاص لتقبل فكرة أنهم جماعيا وديمقراطيا يستطيعون أن يأخذوا مسئولية المجتمع بأيديهم. بمعنى أخر، الأفكار الاشتراكية تصبح فجأة متناسبة مع خبرتهم المعاشة بطريقة لم تكن ممكنة من قبل.

لكن أفكار الاشتراكية الثورية ليست هي الوحيدة المطروحة. قطاعات من الطبقة الحاكمة أيضا تبحث عن حلول يائسة لإنقاذ نفسها من الأزمة. يبدأ هؤلاء في دعم جنرالات يحلمون بالانقلابات العسكرية، أو مغامرين سياسيين وصحفيين منحطين يحاولون توجيه حقد الجماهير تجاه الأقليات الدينية والعرقية.

بين هذين الاتجاهين المتطرفين، هناك دائما أولئك الذين يقولون أن المجتمع يجب أن يتغير في اتجاه غير رأسمالي، ولكن ببطء، من خلال التفاوض والعمليات القانونية، وليس من خلال المواجهة المباشرة.

هذا الاتجاه الإصلاحي الذي أحيانا ما يطلق على نفسه "الإصلاحية الثورية" دائما ما يكون له جمهورا واسعا في فترة ما بعد أول صعود جماهيري كبير.

ذلك أن الناس المنخرطين في الانتفاضة ينشأون في مجتمع طبقي يحشر في رؤوسهم فكرة أنهم غير صالحين لإدارة الأمور. هؤلاء لا يغيرون أفكارهم بين عشية وضحاها. حتى بعد الإطاحة بحكومة ما، معظمهم يضع آماله في حكومة جديدة، ظاهريا أقل عداء لمطالبهم وأكثر رغبة في التحدث مع ممثليهم.

تتم تقوية هذه الأوهام عن طريق الإعلام الذي تتحكم فيه تلك القطاعات من الطبقة الحاكمة التي تتحدث عن "الأمل للمجتمع" إذا ما تكاتفت كل الطبقات بطريقة لم تحدث من قبل.

غير أن عمق الأزمة الاجتماعية يعني أن تلك الحلول "السلمية" و"الوسطية" المعتمدة على "المشاركة" غير ممكنة. لكن هذا لا يمنع أناس كثيرون من أن يروا، في مرحلة أولية، أنها "حلول عملية" و"أقل عنفا" من الدفع في اتجاه الثورة الكاملة.

لذلك ففي روسيا في 1917، وبعد أن أطاحت انتفاضة عفوية بالقيصر في فبراير، وضعت الجماهير ثقتها في حكومة يرأسها أحد أغنياء الحرب، الأمير لفوف، ثم بعد ذلك محام التزم بالحفاظ على الرأسمالية، هو كيرنسكي.

وفي الأرجنتين منذ سنوات قلائل تسامحت الجماهير، التي أطاحت بأربعة رؤساء من الموالين للرأسمالية على التوالي، مع اثنين من نفس الخلفية، دوهالدي وكريشنر.

لم يحدث أبدا أن انفجرت انتفاضة ثورية دون فترة انتقالية، يضع الناس خلالها ثقتهم في تسويات غير ناضجة لا يمكن أن تنجح أبدا.

فترة وجيزة، ثم يحدث أن كل الحنق الذي أحدثه الفوران الأول الكبير يأخذ في التراكم مرة أخرى. والاستياء ضد الحكومة الجديدة يمكن أن يصبح أعظم من الاستياء ضد الحكومة القديمة. ولكنه الآن يمكن أن ينمو في اتجاهين. يمكنه أن يتجه نحو تغذية الدعم لأولئك الرأسماليين الباحثين عن طريقتهم الرجعية الخاصة "لاستعادة النظام" للمجتمع. أو يمكنه أن يقود الناس إلى رؤية الحاجة إلى استكمال الثورة، إلى تجاوز إسقاط حكومة إلى إسقاط النظام وأخذ السلطة في أيديهم.

ما كان يبدو كحركة عفوية موحدة في يوم الفوران العظيم الأول، يتبلور الآن في ثلاثة تيارات أو أحزاب – سواء استخدمت هذا الاسم أو لا – هناك حزب ثوري، وحزب رجعي، و(في محاولة لردم الفجوة بين الاثنين) حزب إصلاحي.

محصلة الحالة الثورية تعتمد على المعركة بين هذه الأحزاب الثلاثة الكبرى لتوجيه حنق الجماهير. وفي حالة الأزمة الكبرى، عندما يعجز الخيار الإصلاحي عن تقديم أي حلول، فإن المعركة تكون أكثر فأكثر بين الثوريين والرجعيين من أجل التأثير على أنصار الخيار الإصلاحي.

هذه ليست ببساطة معركة أفكار، على الرغم من أن تلك مهمة. ولكنها أيضا، وبشكل مركزي، كفاح عملي. الطبقة الحاكمة تعتمد في تفوقها على كون الطبقة العاملة مفتتة ومفتقدة للثقة في قدرتها على إدارة الأمور جماعيا.

والطبقة العاملة تستطيع في الحالة الثورية أن تتجاوز هذا العائق، فقط عن طريق خبرة الكفاح من أجل السيطرة على أماكن العمل والشوارع. إنها قوة دفع "التقدم للأمام معا" التي تعطي حتى غالبية العمال "غير المسيسيين" إحساس أنهم جزء من حركة يمكنها أن تخلق مجتمعا جديدا.

هذا هو السبب أن محاولة الإصلاحيين لإبطاء الحركة قد تصبح كارثية. حيث يكسرون الإحساس بالقوة ويسمحون للتشرذم بالعودة مرة أخرى، ومع هذا التشرذم تستعيد الأفكار الرجعية، التي تروج لها أقسام من الطبقة الحاكمة، المبادرة مرة أخرى. هذا هو السبب أن الثورة تصل دائما إلى نقطة حرجة، أما أن تتقدم عندها أو أن تتراجع. والتراجع يعني عودة الرأسماليين القدامى في شكل أشد سوءا مما كان في الماضي.

الحزب الثوري ليس ضروريا لتبدأ الثورة، ولكنه ضروري بشكل مطلق لضمان انتصارها، للتأكد من أن الاختيار الصحيح بين الاشتراكية والبربرية قد تم.

بناء الحزب

هناك مفهومان واسعا الانتشار، ولكن كلاهما خاطئ. الأول أن الحزب الثوري يعتمد على اللعبة الانتخابية مثل الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية في القارة الأوروبية، لكنه أكثر يسارية. أسلوبه ينبغي أن يكون أن بناء القوة من خلال الدعاية من انتخابات إلى انتخابات، حتى يحصل على العدد الكافي من المقاعد البرلمانية لتشكيل الحكومة – أو على الأقل لتكوين ائتلاف مع أحزاب يسارية الأخرى.

هذا الأسلوب هو في نهاية المطاف كارثي، ذلك أن معظم الأزمات الاجتماعية الكبرى التي تجذب كتلا عريضة من الناس إلى السياسة، لا تُخاض معاركها في القاعات البرلمانية أو تبعا للجداول الزمنية للبرلمانات.

النشاط البرلماني الانتخابي قد يستطيع، في بعض الحالات، توفير طريقة للاشتراكيين لنشر أفكارهم عن الصراع الطبقي أمام عدد كبير جدا من الناس، ولكنه لا يستطيع أن يحل محل خوض هذا الصراع في أماكن العمل وفي الشوارع.

الرؤية الثانية للحزب الثوري هي أنه مجموعة منظمة بشكل محكم تخبر العمال أنهم في حاجة إلى ثورة وأنها ستقوم بها نيابة عنهم، مجموعة تعتمد على تحول العمال نحوها فقط عندما تصبح الأمور حقا ميئوس منها. وحتى تأتي هذه اللحظة، فإن "المجموعة" تبقى بعيدة عن الكفاح ضد المظالم الجزئية للرأسمالية خشية أن يخلق هذا أوهاما حول إمكانية الإصلاح.

هذه كانت رؤية الثوري الفرنسي بلانكي في القرن التاسع عشر، وكانت أيضا رؤية واحد من أكثر الشيوعيين الإيطاليين أهمية في بداية العشرينات – بورديجا. وأيضا من ناحية عملية كانت هذه هي طريقة بعض أجنحة اليسار في مجموعات حرب العصابات التي انتعشت خلال الستينات والسبعينات.

من زوايا عدة، تعد هذه الصورة انعكاسا مختلا للطريق اليساري الانتخابي، حيث أن كليهما يشتركان في فكرة أن الثوريين يغيرون المجتمع بالوكالة عن الجماهير التي تقدم الدعم بشكل سلبي، سواء للبرلماني اليساري أو للمقاتل اليساري.

الطريق الثوري الحقيقي مختلف تماما عن ذلك. إنه يقوم على الاعتقاد أن القطيعة مع كل بشاعات المجتمع الطبقي يمكنها أن تتم فقط عندما يأخذ مجموع العمال السلطة بأيديهم. وهي ترى أيضا أن الطريق الوحيد الذي يحصل به العمال على القوة اللازمة والفهم الضروري ليقوموا بهذا يأتي من خلال كفاحهم الخاص.

في أوقات الأزمة الاجتماعية الكبرى واشتعال الثورة، يمكن كسب غالبية العمال إلى حجج الثوريين، ويمكن أن يقوم العمال بما هو ضروري فعله.

لكن دائما توجد قلة من العمال يمكن كسبها إلى الأفكار الاشتراكية الثورية، حتى عندما تكون الثورة بعيدة جدا. هذا لأن الرأسمالية تدفع الناس دائما إلى التمرد، و لو بقدر صغير، ضد ضغوطها عليهم. قد يحدث إضراب قصير على الأجور، أو حملة ضد خصخصة الإسكان، أو اعتصام ضد العنصرية، أو مقاومة ضد الحروب الإمبريالية. لكن في أي نقطة من الوقت سوف تكون هناك عشرات من النضالات. وفي كل واحد من هذه النضالات يبدأ بعض الناس في تحدي أولويات النظام، وفي إطار هذا يبدأون في بلورة أسئلة في عقولهم حول طبيعة النظام ككل.

المنظمة الثورية الحقيقية هي التي تحاول أن تجمع هؤلاء الناس معا، حتى يبدأوا في بلورة أفكارهم حول كيفية محاربة النظام بنجاح. هذا يشمل النقاش، والتعلم من الخبرات الكفاحية في الماضي، وتحليل النظام القائم والنضالات الجارية ضده اليوم. ثم تغذية استنتاجات المناقشات مرة أخرى في الكفاح الطبقي اليومي.

إن الهدف هو خلق شبكة من كل الناس الأكثر نضالية في كل مكان عمل وفي كل حي، بحيث يزيدون من قوة بعضهم البعض، ويعوضون نقاط ضعف بعضهم البعض، ويتعلمون من خبرات بعضهم البعض. بهذه الطريقة يمكنهم أن يعملوا سويا للتدخل في النضالات المختلفة الجارية، محاولين التقريب بينها، ومجابهين الطبقة الحاكمة وإعلامها في محاولاتهما لتحويل جزء من العمال ضد جزء آخر من العمال.

وحتى لو كان مستوى الصراع منخفضا، يظل هذا مهما. فكل هزيمة تفتت العمال، وتسهل من سيطرة الأفكار الرجعية التي تجعل الأقليات كبشا للفداء. وكل نصر يجعل من الأصعب كثيرا على الطبقة الحاكمة إخضاع العمال والفقراء بشكل كامل.

وعندما يصل الصراع إلى مستوى عال من الحدة، فإن وجود منظمة ثورية لديها شبكة من النشطاء في كل موقع عمل وفي كل حي يمكن أن تكون له أهمية كبرى. ذلك أن نتيجة النضالات الكبرى يمكن أن تحدد شكل الصراع الطبقي والجو الأيديولوجي لسنوات طويلة مقبلة.

ولذلك، فعندما يقول بعض الناس أنهم ضد التنظيمات "الطليعية"، فما يقولونه حقا هو أنهم لا يريدون للعمال الأكثر نضالية أن يوحدوا قواهم لمحاربة النظام بفاعلية.

إن تلك الحرب تأخذ أشكالا عديدة. فهي تتضمن، خلال فترة زمنية طويلة، ما أسماه الثوري الإيطالي غير المفهوم بشكل كبير أنطونيو جرامشي "حرب المواقع" – وهي معركة طويلة صعبة تهدف إلى إحراز تقدم بطيء للأمام. خلال ذلك ينخرط الثوريين في مئات من المعارك الصغيرة لتحسين حال الطبقة العاملة، ويحاولون اكتساب أنصارا قليلين لأفكارهم. وبشكل نموذجي، هذا يشمل النشاط في النقابات، في محاربة تقليص الضمان الاجتماعي، مناهضة العنصريين، بناء التضامن مع الإضرابات، واستخدام الانتخابات كفرصة لتوضيح رؤية اليسار لقطاعات واسعة من الناس.

لكن هذه الأفعال، في حد ذاتها، تترك الرأسمالية سليمة بينما تبني شبكات الناس الذين يريدون الإطاحة بها. تلك الشبكات تظهر بكامل معناها عندما تفتح "حرب المواقع" الطريق لما أسماه جرامشي "حرب المناورات" – مواجهات مفاجئة وسريعة يتبدل خلالها مزاج ملايين الناس بين عشية وضحاها.

إذا كانت المنظمة الثورية قوية، فإن أعضاؤها يستطيعون توجيه أغلبية الجماهير في اتجاه يحتاجه المجتمع ككل. أما إذا كانت ضعيفة أو غير موجودة، فإن آمال الناس تتحول إلى يأس، وكل شيء يرجع إلى الوراء.

ملاحظات:

o هذا النص جزء من كراس للمؤلف بعنوان "الثورة في القرن الحادي والعشرين" ستقوم دار نشر "بوكماركس" البريطانية بنشره في وقت لاحق هذا العام.

Partager cet article
Repost0
14 avril 2012 6 14 /04 /avril /2012 01:42

 

بيان من تنسيقيات الشيوعيين السوريين في عيد الجلاء

 

عاشت الذكرى ال66لعيد الجلاء ــ عيد الاستقلال

 

الشعب السوري العظيم

 

يا أبناء شعبنا الأبي     !

 

تصادف في يوم السابع عشر من نيسان من هذا العام , الذكرى السادسة والستون للجلاء ال, عيد الأستقلال الوطني . حيث تم طُرد آخر جندي فرنسي من أرض وطننا سوريا الحبيبة , وكان ذلك بعد نضال ومقاومة وتضحيات شعبنا السوري منذاللحظة التي وطأت فيها اقدام الغزاة فوق تراب الوطن وكانت فاتحتها معركة ميسلون حيث استشهد القائد الوطني الرمز يوسف العظمة وحتى اليوم الأخير لوجودالمستعمر على أرض الوطن     .

 

انها ملحمة نضال طويل , لثورات وإضرابات وانتفاضات دامت أكثر من ربع قرن لشعب يأبى الذل والخنوع .. شعب يرفض الظلم والطغيان , وسطّرها أبطال خالدين في ذاكرتنا وذاكرة شعبنا على مر الزمان: يوسف العظمة وقائد الثورة سلطان باشا وصالح العلي وإبراهيم هنانو وحسن الخراط وأحمد مريود ومحمد الأشمر ورمضان شلاش وسعيد العاص وطيب شربك وغيرهم وغيرهم من ابطال الاستقلال     .

 

الشعب السوري العظيم    

يا ابناء سوريا الاباة    

 

يأتي عيد الجلاء في ظروف تمر بها بلادنا حيث فجر احفاد ثورة الاستقلال ثورة الحرية متمسكين بثوابتنا الوطنية في الدفاع عن مصالح الشعب والوطن وملتزمينن بثورة شعبنا وخياره في الحرية واسقاط النظام وبناء الدولة الديمقراطية المدنية وانجاز الاستقلال الوطني وتحرير كامل تراب الوطن وفي مقدمته الجولان المحتل مؤمنين بان لا حرية لوطن ابنائه مستعبدين ولا سيادة في ظل نظام قاتل مستبد معتمدين في خيارنا على قوة شعبنا وعزيمة شبابنا وارادته الحرة التي يسطر من خلال ثورته اسطع ايات التضحية والبطولة رافضين اي تدخل عسكري خارجي متمسكين بوحدة سوريا ارضا وشعبا ومتطلعين نحو بناء سوريا الجديدة المنيعة والتي تحقق الكرامة والعيش الكريم لكل ابنائها بمختلف اتجاهاتهم واعراقهم واطيافهم في الوقت الذي نؤكد فيه على اسقاط النظام المستبد بكل رموزه وادواته نؤكد ايضا على رفض كل سياسات اللبرلة التي انتهجها النظام السابق التي افقرت العبادوالتمسك بالخيارات الاقتصادية التي تحقق التنمية وتلبي مطالب الجماهير الشعبية من العمال والفلاحين وصغار الكسبة وسواد الموظفين والذين يشكلون الدعامة الجماهيرية للموقف الوطني السوري . و مكافحة الفساد بشكل اشكاله ومحاسبة اللصوص الذين نهبوا قوت الشعب     , .

 

الشعب السوري العظيم    !

 يا ابناء شعبنا الابي

إن النظام الحالي الذي واجه ثورة الشعب المظفرة بالقتل والعنف وزج الجيش في مواجهة الشعب فاحرق المدن وشرد واعتقل وقتل عشرات الالاف من خيرة ابناء الوطن رافضا الرضوخ لارادة الشعب متعللا بالمؤامرة الكونية مختزلا الوطن بوجوده ممارسا كل انواع التضليل عبر ابواقه من شخصيات اعلامية وسياسية كرتونية مرتبطة بالطغمة الحاكمة وياتي في مقدمتهم قادة احزاب الجبهة المتعفنة ان معرفتنا بتاريخ النظام واساليبه وممارساته نؤكد ان لامجال للوثوق بهكذا نظام وقد اصبح عائقا امام اي محاولة لبناء دولة عصرية مدنية اذ ثبت قطعا بانه لامجال لاصلاح نظام منخور عماده الفساد والاستبداد معتمدا القتل اسلوب لمواجهة غضب الشعب الثائر على الظلم والقهر والفقر ولقد ثبت ان اسقاط النظام اسهل من اصلاحه معتمدين على قوة الشعب وارادته بالتغيير

ان شعبنا الذي خاض ثورة الاستقلال معتمدا على قوة ابنائه وارادتهم ووحدتهم وانتصر هو قادر على ان يخوض معركة الحرية وسينتصر ان شعبنا يعلم تماما ان النظام الحالي محمي من الخارج ولكنه ماضي في سبيل تحقيق اهدافه في ثورته ثورة الحرية

في ذكرى الجلاء المجيد

 تحية لذكرى ابطالنا واجدادنا رمز عزتنا وشموخنا

تحية لشهداء الوطن في ثورة الاستقلال وثورة الحرية

الحرية لمعتقلين الثورة في سجون النظام

الحرية للجولا ن المحتل والحرية لابنائه المعتقلين في سجون الاحتلال الاسرائيلي

الحرية للشعب السوري العظيم

تنسيقيات الشيوعيين السوريين

اواسط نيسان 2012

Partager cet article
Repost0